ابتسامة الوداع، أم فرحة اللقاء ؟ أم عبد الله: الجديدة

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرّا وجبت له النار،[ الملائكة شهداء الله في السماء]، وأنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض ،(وفي رواية: والمؤمنون شهداء الله في الأرض)، [إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر]) أخرجه البخاري ومسلم ( أحكام الجنائز ص 60-61).
كان اسمها سميرة.
لم تكن صحابية ولا تابعية، ولكن موتها كان عجبا.
صعدت روحها إلى السماء ليلة الثلاثاء 18 رمضان من هذا العام، تاركة جسدا نخره السرطان وأثخنته مشارط الجراحين بالفتق والترقيع.
حضرتها ليلة عادت إلى بلدها، فإذا هي جثة تتحرك، تتحامل على نفسها، تقاوم الألم والغشية، وهي ترفع سبابتها إلى السماء، ثم تشير إلى من حولها أن ابكوا علي ولا تنوحوا، وأني أشهد الله عليكم!
ثم أُخبرتُ أنها تحتضـر، فهرعت إليها في رفقة من الأخوات، وملت عليها ألقّنها الشهادة، فدفعتنـي عنها، ولوّحت في وجهي بيديهـا كأنها تقول: “مالـــك ؟” ثم قالت بصوت لا يكـاد يسمع، وبثبـات منقطع النّظيـر: “أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهـد أن محمــداً رســول الله”.. قلت لها: “إنك ذات حظ عظيم، فاليوم الإثنين، وهذا شهر رمضان”، فأومأت إلي أن نعم، وكانت آخر نظرة نظرتها إليها.
ودخلت عليها ليلا وقد توفتها الملائكة، فإذا هي مسجاة كالنائمة، وإذا وجهها قد اكتسى على آثار صفرة المرض إشراقا وصباحة، تأملتها أبحث في قسماتها عن علامة مبشرة، فلم يرعني إلا ابتسامة هادئة تميل بطرف ثغرها ذات اليمين!
ثم دخلنـا عليها من الغد نريد غسلها، فإذا أساريرها قد انفرجــت، وإذا ابتسامتها تزداد اتساعــا وإشراقــا، وتبث في ملامحها معالم الحياة كأنها ما ماتــت.
كيف ضحكت في غمرات الموت ؟
تبددت حيرتي، واستحال عجبي بردا وسلاما لمّا أجابني أهلها؛
تقول أختها- أختنا في الله – أم صهيب:
“كانت سميرة أختا ملتزمة، توفر الحجاب وتلبس الفضفاض؛ طويلة اليد، تطعم المساكين وتُغدق على المحروم، وتُكثر من الذكر وقراءة القرآن، وكانت تكسو من أسلم من نساء الأجانب حجاب”.
لبثتُ أياما بعد وفاتها، لا أدري لم أُحسّ بالأنس بها ولا أستوحش من فقدها..
أرجو الله أن يكون قد أرضانا فيها وأكرمها، هو أرحم بها منّا.
فيا أخواتي المسلمات، إن كان الله قد أكرم “سميرة” بحسن الخاتمة، فحري بنا أن نعمل لمثل يومها.
“وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْاْ مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْرًا لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ، جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللّهُ الْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *