انفرد العلج الصهيوني بأرض فلسطين، واستولى على خيراتها، ودنس مقدساتها، بعدما جر المسلمين لمسلسلات من التفاوض السقيم، وادعاء سلام موهوم، يوم خلدوا إلى الأرض وتركوا الجهاد في سبيل الله..كما كان دأب أسلافهم أمثال أبي عبيدة بن الجراح فاتح القدس وصلاح الدين الأيوبي مستردها من أيدي الصليبيين.
لقد استطاع اليهود بمكرهم الخبيث وقوتهم الاقتصادية أن يضغطوا على العالم الغربي حتى يتبنى ادعاءاتهم في حقهم المزعوم في أرض القدس مهد الرسالات بما فيها أرض المسجد الأقصى ليقيموا عليها كيانهم الغاصب، فاعترفت الأمم المتحدة ضد المسلمين بكيانهم كدولة وأعلنوها سنة 1948م، ليبدأ مسلسلهم الدموي، ولينفلت عقد جرائمهم الهمجية ضد أهل الشام ومقدسات فلسطين والقدس، تحت غطاء أوربي، ورعاية أمريكية..
نعم بدأ مسلسل جرائم القتل والإبادة والتهجير والطرد والإذلال والحرمان والاغتصاب وهتك الأعراض، والأسر والحصار والتخريب والدمار، وتغيير هوية المكان وتزييف الآثار في سبيل إنجاح خططهم لتهويد القدس، وتدنيس المقدسات، والاستيلاء على المساجد ذات القيمة التاريخية والدينية عند المسلمين، فبعد الاستيلاء على جزء من المسجد الإبراهيمي منذ سنوات وتحويله لمعبد يهودي، أتى الوقت الذي ضمه اليهود بأكمله إلى أماكنهم الأثرية، وهو تمهيد وتوطئة للاستيلاء على المسجد الأقصى بحجة أنه أقيم مكان هيكلهم السليماني، بعد تخريبه وتدميره من تحت الأرض، فالأنفاق اليهودية اخترقت أجزاء من بناياته…
يقع هذا كله في الوقت الذي يحيون شيعهم وينشئون بيعهم، فقد فتحوا كنيس الخراب في الوقت الذي استولوا فيه على المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال إمعانا في احتقار المسلمين، وتحد لكل مقدس عندهم..
لكن هيهات هيهات أن يخلد إلى الأرض شعب الصمود والإباء، والعزة والكرامة، والتحدي وحب الشهادة، شعب الأب الذي لم توهنه عذابات الهمجية الصهيونية لعقود طويلة فلم يسأم أن يقدم كل يوم بطلا من أبطال المواجهة والصفوف الأولى..
شعب الأم التي لا تبكي فلذات كبدها لما تسلم أرواحهم للباري سبحانه وتعالى وقد مزق الرصاص أجسادهم، أو شتتت الصواريخ أوصالهم، إنها أمٌّ تحتسب الأجر عند ربها وشعارها حسبنا الله ونعم الوكيل..ولسانها يصدق حالها أن قتلوا ما شئتم من أبنائي فسألد غيرهم ليكونا لكم عدوا وحزنا.
إنه شعب الفتى والشاب الذي لم تهدّ من عزمه في تحقيق النصر على العدو الصهيوني وإرجاع المسجد الأقصى لحوزة الإسلام، دهاليز السجون الصهيونية، ولا رصاصاتهم الغادرة، ولا قتلهم المتواصل، بل لا يزيدهم ذلك إلا يقينا بقوة مطلبهم، ورفعة مكانة شهيدهم، ومن استشهد منهم ألبس وسام الشرف، ولم تخذل النساء إخوتها الرجال فكانت على العهد والطريق..
إنه شعب الطفل الذي لما بخل عنه إخوانه بالسلاح والعتاد حمل سلاحا من طين، ليواجه جيش المغتصبين، فلا الدبابات أخافته، ولا طلقات الرشاشات ذعرته، بل هو يساند الرجال في الدفاع عن المقدس، من تدنيس الصهاينة، ولو سألته أو سألت الطفلة الفلسطينية الأبية لحكوا لك المأساة بلغة الخطيب الذي سبر أغوار القضية، إذ استنشقوا دخان فوهات المدافع وهم في بطون أمهاتهم، ورسا غبار منازل أسرهم المهدومة على وجوههم منذ فتحوا أعينهم، وألفوا لون النيران وهي تأكل فرشهم ودفاترهم ومقاعد مدارسهم..
شعارهم: سنكبر ونزيلك من وجه الأرض أيها العدو الصهيوني، لن نرضى بالذلة، فقد رضعنا حليب الكرامة، ولن نرضى بالخنوع فقد شربنا حليب العزة، لن نرضى بالتبعية لأننا أمة الاتباع لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
الله أكبر، من أفواههم تزلزل الحجر
الله أكبر، تذعر قلوب مجرمي البشر
الله أكبر، تخرس أفواه المتخاذلين، فلن يغني حذر من قدر.
بنداء الإجلال والإكبار ابتدأ شاعرنا “أبو أنس عمر بعزة” قصيدته عن أبطال القدس، المرابطين في بلاد المسجد الأقصى، الذين يدافعون عن كرامة أمتنا بنخوة المسلم العزيز بدينه، ويكتبون قضيتهم بمداد الدم.
ثم قرّع الشاعر الخوالف الذين ارتضوا خذلان إخواننا في فلسطين، وقصروا في فريضة تخليص المسجد الأقصى من أيدي الصهاينة الغاصبين.
وإليكم نص القصيدة التي سماها ناظمها: “أبطال القدس”: