قصيدة عناقيد الضياء الدكتور عبد الرحمن العشماوي

 

هـلّ الهـلال فكـيـف ضــل الـسـاري

ضحك الطريق لسالكيـه فقـل لمـن

وتنفس الصبـح الوضـيء قـلا تسـل

غـنّــت بـواكـيـر الـصـبــاح فـحـرّكــت

غــنّــت فـمـكّــة وجـهـهــا مـتــألــق

هــلّ الـهـلال فــلا العـيـون تـــرددت

والجاهـلـيـة قـــد بـنــت أســوارهــا

واقــرأ عليـهـا ســورة الفـتـح الـتـي

أو مـاتـرى البـطـحـاء تـفـتـح قلـبـهـا

عطشى يلمّضها الحنيـن ولـم تـزل

ماذا ترى الصحراء في جنح الدجـى

وتـرى علـى طيـف المسافـر هـالـة

وتـــرى عـنـاقـيـد الـضـيــاء ولــوحــة

هـي لاتــرى إلا طـلـوع الـبـدر فــي

مـازلـت أسمعـهـا تـصـوغ سـؤالـهـا

هـل يستطيـع الليـل ان يبـقـى إذا

مـاذا يقـول حـراء فـي الزمـن الـذي

مــــاذا يــقــول لـلاتـهــم ومـنـاتـهـم

مــــاذا يــقــول ومــايــزل مـتـحـفّــزاَ

طـــب يــاحــراء فللـيـتـيـم حـكـايــة

أو مـاتــراه يـجــيء نـحــوك عــابــداً

أو ماتـرى فـي الليـل فيـض دموعـه

 

أسمعت شيئـاً ياحـراء عـن الفتـى

طـــب يــاحــراء فــأنــت أول بـقـعــة

طب ياحـراء فأنـت شاطـىء مركـب

ماجت بحار الكفر حين جرى علـى

وتسـاءل الكـفـار حـيـن بــدت لـهـم

مـــن ذلـــك الآتـــي يــمــد للـيـلـنـا

مــن ذلـــك الآتـــي يـزلــزل ملـكـنـا

مـابـالــه يـتـلــوا كــلامـــا ســاحـــراً

هــــذا مـحـمــد يـاقـريــش كـأنـكــم

هـــذا الأمــيــن أتـجـهـلـون نــقــاؤه

هـــذا الـصــدوق تـطـهـرت أعـمـاقـه

طـــب يـاحــراء فـأنــت أول سـاحــة

سترى توهـج لحظـة الوحـي الـذي

إقـرأ ألـم تسـمـع أمـيـن الـوحـي إذ

إقــــرأ فـديـتــك يـامـحـمـد عـنـدمــا

وفـــديــــت صـــوتــــك إذ رددتـــهــــا

وفـديــت صـوتــك خـائـفـاً متـهـدجـا

وفديـت صوتـك نـاطـق بالـحـق لــم

وفديت زهدك في مباهج عيشهـم

يـــا سـيــد الأبـــرار حــبــك دوحــــة

والـشــوق مــاهــذا بــشــوق إنــــه

حـاولـت إعـطـاء المـشـاعـر صـــورة

ماذا يقول الشعـر عـن بـدر الدجـى

يـاسـيــد الأبــــرار أمــتـــك الــتـــي

وغسلـت مــن درن الرذيـلـة ثوبـهـا

ورفــعــت بـالـقــرآن قــــدر رجـالـهــا

يـاسـيــد الأبــــرار أمــتــك إلــتـــوت

شربـت كـؤوس الـذل حيـن تعلقـت

إنـي إراهــا وهــي تسـحـب ثوبـهـا

إنــي إراهــا تستـطـيـب خضـوعـهـا

إنـــي أرى فـيـهــا مــلامــح خــطــة

إنــي أرى بــدع الـمـوالـد اصـبـحـت

وأرى القباب علـى القبـور تطاولـت

يـتـبـركـون بــهـــا تــبـــرك جــاهـــل

فــــرق مـضـلـلـة تـجـســد حـبــهــا

أنا لست أعـرف كيـف يجمـع عاقـل

كـبــرت دوائـــر حـزنـنــا وتـعـاظـمـت

إنــي أقــول لـمـن يـخــادع نـفـسـه

سـل أيهـا المخـدوع طيـبـة عنـدمـا

ســل صوتـهـا لـمـا تعـالـى هـاتـفـاً

سل عن حنين الجذع فـي محرابـه

سـل صحبـة الصديـق وهـو أنيسـه

سـل حمـزة الأسـد الهصـور فعـنـده

سـل وجـه حنظلـة الغسيـل فربـمـا

ســل مصـعـب لـمــا تـقـاصـر ثـوبــه

سل فـي ريـاض الجنـة إبـن رواحـة

سـل كـل مـن رفعـوا شعـار عقيـدة

سلهم عن الحـب الصحيـح ووصفـه

حــب الـرسـول تـمـسـك بشـريـعـة

حـــب الـرســول تـعـلــق بـصـفـاتـه

حــب الـرسـول حقيـقـة يحـيـا بـهـا

إحــيــاء سـنـتــه إقــامــة شــرعـــه

إحــيــاء سـنـتــه حـقـيـقــة حــبـــه

ياسـيـد الأبــرار حـبـك فــي دمـــي

يـامـن تـركـت لـنـا المحـجـة نبعـهـا

سُحـب مـن الإيمـان تنعـش أرضنـا

لــــك يـانـبــي الله فــــي أعـمـاقـنـا

عـهــد علـيـنـا أن نـصــون عـقـولـنـا

علـمـتـنـا مـعـنــى الــــولاء لـربــنــا

ورسـمـت للتوحـيـد أكـمــل صـــورة

فــرجــاؤنـــا ودعـــاؤنــــا ويـقـيـنــنــا

وعـــلام تـبـقــى حــيــرة الـمـحـتـارٍ

يـلـوي خـطـاه عــن الطـريـق حــذارِ

عــن فـرحــة الأغـصــان والأشـجــارِ

شـجــو الـطـيـور ولـهـفــة الأزهــــارِ

أمــــلا ووجــــه طـغـاتـهـا مــتـــواري

فـيـمـا رأتـــه ولا الـعـقــول تــمــاري

دون الـهـدى فانـظـر إلــى الأســوارِ

 نــزلــت ولاتــركــن إلـــــى الـكــفّــارِ

فــرحــاً بـمــقــدم ســيـــد الأبـــــرارِ

تهفـو إلـى غيـث الهـدى المـدراري

هــي لاتــرى إلا الـضـيـاء الـســاري

 بـيـضـاء تــســرق لـهـفــة الأنــظــارِ

خـضـراء قـــد عـرضــت بـغـيـر إطـــارِ

غسـق الدجـى وسـعـادة الأمـصـارِ

بـعــبــارة تـخــلــو مـــــن الــتــكــرارِ

ألـقــى الـصـبـاح قـصـيــدة الأنــــوارِ

غـلـبـت عـلـيـه شـطــارة الـشـطّـارِ

مــــاذا يــقـــول لـطـغـمــة الـكــفّــارِ

مـتـطـلــعــاَ لـخـبــيــئــة الأقــــــــدارِ

 نسـجـت ومـنــك بـدايــة الـمـشـوارِ

مــتــبــتــلاً لــلـــواحـــد الـــقـــهـــارِ

أو مــاتـــرى نـــجـــواه بــالأســحــارِ

 

أقـــــرأت عــنـــه دفــاتـــر الأخــيـــارِ

في الأرض سـوف تفيـض بالأسـرارِ

مــــازال يــرســم لــوحــة الإبــحــارِ

أمـواجـهــا الـرعـنــاء فــــي إصــــرارِ

فـي ظلمـة الأهـواء شمعـة سـاري

قبسـاً سيكشـف عـن خبايـا الــدارِ

ويــــرى عـبـيــد الــقــوم كــالأحــرارِ

يـغـري ويـلـقـي خـطـبـة إستـنـفـارِ

لــــــم تــعــرفــوه بــعــفــة ووقــــــارِ

وصــــفــــاؤه ووفــــــــاؤه لـــلـــجـــارِ

فــأتــى ليـرفـعـكـم عــــن الأقـــــذارِ

ستـلـيـن فـيـهـا قـســوة الأحــجــارِ
 سـيـفـيــض بالـتـبـشـيـر والإنـــــذارِ

نادى الرسـول فقـال لسـت بقـاريْ

واجـهـت هـــذا الأمـــر باستـفـسـارِ

آي مـــن الـقــرآن بـاســم الــبــاري

تـدعـو خديـجـة أسـرعـي بـدثــاري

يـمـنـعـك مـالاقـيــت مــــن إنــكـــارِ

وخـلـو قلـبـك مــن هـــوى الـديـنـارِ

فـــي خـاطــري صـدّاحــة الأطــيــارِ

فــي قلـبـي الـولـهـان جـــذوة نـــارِ

فتهـيـبـت مــــن وصـفـهــا اشــعــارِ

لـمّــا يـضـتـيْ مـجـالـس الـسـمــارِ

حـررتـهــا مــــن قـبـضــة الأشـــــرارِ

 وصـرفــت عـنـهـا قـســوة الإعـصــارِ

وسـقـيـتـهــا بــالــحــب والإيـــثــــارِ

فــي عصـرنـا ومـضــت مـــع الـتـيـارِ

بـثـقــافــة مـسـمــومــة الأفـــكــــارِ

مخـدوعـة فــي قبـضـة السـمـسـارِ

وتــلــيــن لـلــرهــبــان والأحـــبــــارِ

لـلـمـعـتـديـن غــريــبــة الأطـــــــوارِ

داء يـــهــــدد مــنــهـــج الأخــــيــــارِ

 تـغـري العـيـون بفـنـهـا المـعـمـاري

أعـمــى البـصـيـرة فــاقــد الإبــصــارِ

للمصـطـفـى بالـشـطـح والـمـزمــارِ

 بــيـــن إمــتـــداح نـبـيـنــا والــطـــارِ

فـــي عـالــم أضـحــى بـغـيـر قـــرارِ

ويـعـيــش تــحــت سـنــابــك الأوزارِ

بـلـغــت مــداهــا نــاقــة الـمـخـتــارِ

وشــدى بـألـف قصـيـدة إستبـشـارِ

وعن الحصى فـي لحظـة إستغفـارِ

فـــي دربـــه ورفـيـقـه فـــي الــغــارِ

خــبــر عـــــن الـجــنــات والأنــهـــارِ أفـضــى إلـيــك الــوجــه بــالأســرارِ

عــن جسـمـه ومـضـى بنـصـف إزارِ

واســـأل جـنـاحـي جـعـفـر الـطـيـارِ

وبهـا اغتنـوا عــن رفــع كــل شـعـارِ

فلـسـوف تسـمـع صــادق الأخـبــارِ

غــــرّاء فــــي الإعــــلان والإســــرارِ

 وتــخــلــق بــخــلائـــق الأطـــهــــارِ

قــلــب الـتـقــي عـمـيـقــة الآثـــــارِ

فــي الأرض دفــع الـشــك بـالإقــرارِ

في القلب في الكلمات في الأفكارِ

نـهـر عـلـى أرض الصـبـابـة جـــاري

نــبــع الـيـقـيــن ولـيـلـهــا كـنــهــارِ

بالـغـيـث حـيــن تـخـلــف الأمــطــارِ

قــمــم مــــن الإجـــــلال والإكــبـــارِ

عــن وهــم مبـتـدع وظــنّ مـمـاري

والـصـبـر عــنــد تــزاحــم الأخــطــارِ

نفـضـت عــن الأذهــان كـــل غـبــارِ

 وولاؤنــــــــا لــلـــواحـــد الـــقـــهـــارِ

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *