من قال بدعة.. بدعة.. بدعة فلا تصدقوه!

إذا كان اجتناب الشرك وتحقيق التوحيد، واقتفاء السنة واجتناب البدعة معلوما من دين الإسلام بالضرورة، فمن الغريب أن يصرح الوزير المسؤول عن الشأن الديني في البلد في كلمة ألقاها أمام المرشدين والوعاظ الدينيين المتخرجين من إحدى مراكز التكوين بقوله: “إذا سمعتم من يقول بدعة بدعة بدعة، فلا تهتموا بكلامه”، وكأن هذا المسؤول لم يسمع يوما ما خطبة الحاجة التي كان يستفتح بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خطبه ومواعظه: “إن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة”، وقوله صلى الله عليه وسلم: “من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد”.

نعم نحن ضد من يبدع الناس بالجملة، ودون ضوابط شرعية، فالتكفير والتبديع والتفسيق أحكام يصدرها من توفرت فيه شروط الأهلية، ولا يجوز أبدا أن يتكلم فيها من لا يحسنها، لكن يجب على الساهرين على تأطير الحقل الديني أن يتحملوا مسؤولياتهم، ويبينوا للناس المخالفات الشرعية والبدع الشركية والعملية التي قد يقعون فيها، ولا يغالون في التنفير ممن يحذر من البدع والمحدثات دون بيان وتثبت.
وقد وقف علماء المغرب وولاته قديما سدا منيعا في وجه البدع والمحدثات وحذروا منها، فهذا المولى سليمان رحمه الله تعالى يقف خطيبا بين صفوف أبنائه وشعبه قائلا: “..واتركوا عنكم بدع المواسم التي أنتم بها متلبسون، والبدع التي يزينها أهل الأهواء والبدع ويلبسون، وافترقوا أوزاعا وانتزعوا الأديان والأموال انتزاعا، فيما هو حرام كتابا وسنة وإجماعا..” إلى آخر كلامه.
وصنف ابن وضاح القرطبي كتابه البدع والنهي عنها وكذا أبو بكر الطرطوشي، والإمام الشاطبي الذي اتفق كل المالكية على الإشادة بكتابه الاعتصام الذي نسف فيه البدع نسفا وأتى على أصولها من القواعد، وصنف العلامة الراحل رئيس المجلس العلمي بالرباط ووزير الأوقاف سابقا المكي الناصري رحمه الله تعالى كتابه “علاج الخليقة” شنع فيه على القبوريين ومعظمي الأضرحة، وهو العمل نفسه الذي قام به مفتي رابطة علماء المغرب الشيخ محمد كنوني المذكوري وعلامة المغرب الشيخ عبد الله كنون.
وألف العلامة أحمد بن محمد بن تاويت التطواني رسالة سماها: “إخراج الخبايا في تحريم البناء على القبور والصلاة بالزوايا”، حرم فيه البناء على القبور والصلاة في المقابر والزوايا.
وغيرهم كثير من العلماء الذين يضيق المقام بحصرهم.
فلم إذا أنكر بعض علماء المغرب المعاصرين البدع والمحدثات والمغالاة في تعظيم القبور والأضرحة ومظاهر الشرك ينبزون بأنهم وهابية متشددون، بعيدون كل البعد عن وسطية المذهب المالكي وسماحته؟
قال ابن الحاج المالكي في المدخل: وقد نقل الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله في كتاب “إلجام العوام عن علم الكلام”: اتفقت الأمة قاطبة على ذم البدعة، وزجر المبتدع، وتعتيب من يُعرف بالبدعة”. اهـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *