خطباء دافعوا عن الأسرة المغربية في صلاة العيد عبد الصمد إيشن

أثارت بعض خطب عيد الفطر الأخير حول نقاش تعديل مدونة الأسرة، حفيظة العلمانيين والحداثويين لأنهم رأوا في المنبر ما يهدد حججهم الواهية. بل أكثر من ذلك تركت خطب الشيوخ والأساتذة الأجلاء، من مثل إبراهيم بقلال ومحمد الخياطي ومحمد صالح وآخرين، الأثر الكبير في قلوب وعقول المصلين ومن تابعها من المشاهدين عبر ربوع الوطن.

حنق التيار العلماني بلغ مؤسسة البرلمان إذ طالبت النائبة البرلمانية عن فيدرالية اليسار، فاطمة التامني، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بوضع حد لما وصفته بـ”خطاب التطرف” عبر منابر المساجد.

لكن الوزير السابق وأستاذ التعليم العالي، خالد الصمدي، شدد على أن إصلاح مدونة الأسرة نقاش شرعي خالص، من حق وواجب خطباء المساجد الخوض فيه على المنابر، متسائلا عمن يريد تحنيط المنبر؟

وأضاف “عندما يتحدث الخطباء في أمور بعيدة عن الواقع يتهمون بأن خطبهم باردة ومحدودة لا تمس الواقع، وعندما تحدثوا في أمر مجتمعي، هو مدونة الأسرة، اتهموا بالتحريض واستغلال المنابر”. معتبرا، أن من واجب الخطيب أن يتناول قضايا المجتمع ولكن “ليس بالضرورة، بالتشكيك في النوايا وضرورة تناول الموضوع بالأدب اللازم”.

كما شدد الصمدي على أن الأسرة وإصلاح مدونتها شأن شرعي خالص ذو أبعاد دينية مجتمعية تربوية حقوقية اقتصادية تمس كل بيت، منتقدا من يريد من الخطباء أن يبتعدوا عن تناول هذا الموضوع بالنقد والبيان.

لكن الغريب في خطب العيد هاته هي تلك الحملة الممنهجة التي تستهدف الخطباء الأجلاء الذين سبق ذكرهم، لأنهم أمّوا بالمغاربة صلاة العيد، وتحدثوا عن المدونة وما يتهدد الأسرة المغربية من أجندات تجد جذورها ووقود حملتها من دعم دولي يستقوي على خصوصيات الدول وتميزها الحضاري، بالمؤسسات الدولية وأموال الدعم المشبوه المسكون بالأجندات غير البريئة، والتي من خلالها يتم تجنيد طابور محلي يتكلم بلساننا ويقول بحرية مطلقة ما يريد وفيما يريد، بما فيه ما يتجاوز ثوابت ومرجعية هذا البلد الأمين، لكنه جاهز ليستل سيفه في وجه كل من يدافع على هذه الخصوصية ويتمسك المرجعية والثوابت التي شكلت وجودنا وهويتنا عبر التاريخ.

هذه الحملة التي ابتدأت من منابر تتكلم نفس اللغة وتلغ من نفس المحبرة التي تقطر حقدا وضغينة، تلقفتها أطراف سياسية، تركت كل مشاكل المغرب جانبا، وانبرت تسأل الحكومة عن إجراءات إسكات هؤلاء الخطباء والأئمة، ومصادرة حقهم في الكلام، وكأن هذا المغرب العظيم بين عشية وضحاها قد تحول بدون أن ندري إلى دولة شمولية لا مكان فيها إلا للصوت الواحد والرأي الأوحد، وماعداه فتطالب هذه الفئة بالحجر عليه ومنعه؟

فهل نسي هؤلاء ومن على شاكلتهم، أن هذا البلد ومجاله الديني محمي بــ”الجناح الخفيض الرحيم لإمارة المؤمنين”، وألا مجال لمكائدهم ودسائسهم التي تتخفى في لبوس النصيحة، فإن للبيت ربا يحميه.

أم يظن هؤلاء أنفسهم قادرين على الاستدراك على مؤسسة إمارة المؤمنين وتدبيرها للمجال الديني بالحكمة المعهودة والكياسة المشهودة، فإن كان كذلك فليخرجوا من جحور جبنهم، وليقولوها بالصريح الفصيح وبالمباشر، أن مشكلتهم مع إمارة المؤمنين ومع الإسلام في هذا البلد الأمين؟

بهذه الفقرات القاصِدة، خاطب حزب العدالة والتنمية كذلك، كل العلمانيين والتيار الحداثوي الغريب عن الجسد الحضاري للمغاربة، لا لأنهم يملكون وجهة نظر قوية وحججا متماسكة تقارع حجج الشيوخ والخطباء الأجلاء، لا، بل أرادوا صمت الجميع في الوقت الذي يهرع كل صلحاء ومثقفي الدول الأجنبية لحماية خصوصيات بلدانهم من التيار الجارف للتهتك والشذوذ الذي يبشر به الغرب وسط الإعلام والمدارس والأسر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *