كل مسلم بل كل عاقل يعلم أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم نقلة القرآن والسنة؛ ونقلة الشريعة إلى باقي الأجيال؛ وهم أفضل خلق الله تعالى بعد الأنبياء، فهم أبر هذه الأمة قلوباً وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً وأحسنها حالاً.. فواجب علينا أن نعرف لهم فضلهم ونتبع آثارهم فقد كانوا على الهدى المستقيم.
والمغاربة والحمد لله تعالى كانوا على مرِّ التاريخ والعصور يحبون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعظمونهم وينزلونهم المكانة اللائقة بهم؛ ولا زال العلماء والخطباء والوعاظ في المغرب يترضون على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنابر وفي المجامع والمناسبات؛ ويُعلمون الناس بجهادهم وبذلهم وصبرهم وقدرهم ورفيع منزلتهم؛ ولم نكن نسمع من يطعن فيهم أو ينتقص قدرهم إلا الروافض والنواصب والخوارج.
وبما أن الطعن في الصحابة الكرام سبيل إلى الطعن المباشر فيما أبلغوه لنا من كتاب رب العالمين وسنة سيد المرسلين عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ فقد كان الصحابة هدفا لكل كافر وزنديق ومبتدع؛ فطعن فيهم اليهود والنصارى؛ وطعن فيهم الروافض والنواصب والخوارج؛ وطعن فيهم بعض المستشرقين والملاحدة والشيوعيون واليساريون الماديون والعلمانيون؛ كل حسب أغراضه وأهدافه ومراميه.
وقد أقدمت أسبوعية الأيام غير ما مرَّة على الطعن في الصحابة الكرام؛ واختارت في عددها (475 بتاريخ 13-19 ماي 2011) الطعن لا أقول في صحابة رسول الله الذين آمنوا به وصدقوه؛ وعززوه ونصروه؛ وقاتلوا بين يده وفدوه بأنفسهم وأموالهم؛ فحسب -وكفى به إثما عظيما-؛ ولكن اختارت الطعن في أربعة من العشرة المبشرين بالجنة، واختارت الطعن بالضبط في الخلفاء الراشدين ووزراء النبي الأمين.
فصورت أبا بكر على أنه مغتصب خلافة؛ ورغم ذلك يسمى صديقا!!!
وعمر: “فرعون الأمة” وزِير نساء ومدمن خمر؛ وحكايته مع الخمر سواء في الجاهلية أو في بداية الإسلام كانت مثار جدل ونقاش اختلط فيه الديني بالسياسي!!!
وعثمان حارق المصاحف؛ الذي أفتت زوج النبي عائشة بقتله فقالت: “اقتلوا نعثل فقد فجر؛ اقتلوا نعثل فقد كفر”!!!
وأما عليا فقد تردد في مبايعة أبي بكر لدرجة أن عمر بن الخطاب هجم عليه في بيته وهدد بإحراقه؛ وأحدثت فترة ولايته -أي عليا- انشقاقا بين المسلمين؛ وكانت بينه وبين عائشة صراعات. وقد دبر علي في حقها أعمالا في حادثة الإفك؛ لذلك كان مقتل عثمان بمثابة الفرصة الذهبية التي التقطتها عائشة للانتقام من علي والخروج لمحاربته في موقعة الجمل!!!
هكذا صور معد ملف أسبوعية الأيام خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولا يحتاج القارئ لهذا الملف إلى كثير عناء ليدرك الهدف من جمعه؛ فبغض النظر عن العديد من الأخطاء اللغوية التي اشتمل عليها الملف؛ فقد اشتمل أيضا العديد من الزلات العقدية والانحرافات المنهجية والبحثية.
ومن حقنا في هذا الموطن أن نطرح العديد من التساؤلات:
ما هو الهدف من وراء الطعن في الخلفاء الراشدين؟
وماذا يترتب عن هذا الطعن؟
ومن أين استقى معد الملف هذه الطعون؟
وهل تحرى هذا الصحفي أصول البحث العلمي وتحقيق الروايات قبل نشرها أم لا؟
لماذا تركز بعض المنابر الإعلامية دائما على هذه الوقائع والأحداث التاريخية دون غيرها؟
هل لا زالت عدالة الصحابة موضع نقاش، أم أن هذا الأمر حسم منذ قرون مضت؛ وصارت عقيدة يدين بها المسلمون؟
ما موقف علماء المغرب وأتباع المذهب المالكي من مثل هذه الملفات ومن الطعن في الصحابة الكرام؟
وما موقف إمامنا مالك ممن سب الصحابة والسلف الصالح؟
أسئلة عديدة تحتاج إلى إجابة شافية.
ونحن إذ نفتح هذا الملف سنحاول أن نجيب عن بعض هذه الأسئلة؛ ونكشف بالحجة والبرهان الأخطاء العلمية والمنهجية والعقدية التي وقعت فيها أسبوعية الأيام.