الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبعد ؛ فان جمعية الإمام مالك للدعوة و الإرشاد لتُعرِب عن استيائها الشديد مما نشرته مجلة “نيشان” في عددها 91 بتاريخ09 دجنبر 2006 وما تضمنه من الاستهزاء بالله عز وجل ورسله – بما فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم – وكذا الاستهزاءِ بالملائكة واليوم الآخر وبعض الصحابة الكرام رضوان الله عليهم، وذكرِ الإسلام على سبيل السخرية والتنقص في نُكَت فيها من قلة الحياء ما لا يحتمل المسلمون سماعه ولا التفوه به.
فمما جاء في إفكهم وكذبهم نكتة فيها أن الله عز وجل ينزل من عليائه ليقول لأبي هريرة لقد شاركت معنا في “الكاميرا الخفية “.
فأين هذا من تعظيم الله الذي أجمع عليه الناس على اختلاف مللهم ونحلهم إلا من شذ منهم، فانه جل شأنه وتقدست أسماؤه أعظم وأجل من أن يُذكر فيما يُنكِّت به الناس؛ بل حقه سبحانه أن يعبد و يحب و يعظم وينـزه عن كل عيب و نقص، قال تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) الواقعة:74، و قال : (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) الصافات:180، و قال تعالى ردا على اليهود الذين قالوا يد الله مغلولة : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ) المائدة64 ، و الآيات في هذا المعنى كثيرة جدا يضيق المقام عن ذكرها .
و أما جنايتهم في حق رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا تقل شرا عما رسمه أولئك الدانمارك، فلئن كان أولئك تنقصوه بالرسم فإن هؤلاء تنقصوه بأقبح أنواع القول.
و من المعلوم بالضرورة من دين الإسلام وجوبُ توقير جميع الأنبياء و المرسلين بعامة، و توقير نبينا صلى الله عليه و سلم بخاصة؛ لأنه أعلاهم قدرا و أسماهم منزلة، و الطعن فيه أو تنقصه يشمل جميع الأنبياء، فحقه صلى الله عليه و سلم أن يُوَقَّر و يُحَبّ و يُتَّبَع، لا أن يهان و يستهزأ به في نكت ساخرة فإن هذا و لا شك يضاد توقيره و قد قال تعالى : (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف 158. و قال تعالى : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ) الأحزاب 53 ، و الآيات في هذا المعنى كثيرة جدا .
و أما الصحابة رضي الله عنهم فقد أثنى الله عليهم في محكم التنـزيل، فلا يذكرون إلا بخير قال تعالى :(وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة 100.
و قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني المالكي رحمه الله في مقدمة رسالته المشهورة :” و أن لا يذكر أحد من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم إلا بأحسن ذكر “. فأين هذا من سخرية هؤلاء براوية الإسلام، ووعاء علم النبوة، أبي هريرة رضي الله عنه و أرضاه.
و من استهزاء القوم بأصول هذا الدين، طعنهم في الملائكة المطهرين، واستخفافهم بيوم القيامة في نكتة ساخرة، زعموا فيها أن يوم القيامة يوم تؤخذ فيه الرشوة فيدخل من استحق النار الجنة، و قد قال تعالى في شأن الملائكة : ( لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) التحريم 6.
و قال تعالى عن يوم القيامة : (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ ) البقرة 123.
و مما يستنكر على هؤلاء سوء أدبهم مع ولاة الأمر الأحياء و الأموات, و من المعلوم أن هذه الشريعة جاءت بحفظ أعراض المسلمين بعامة , و حفظ أعراض ولاتهم بخاصة .
إننا ما كنا نظن أن يكون من بني جلدتنا و من يتكلم بألسنتنا و يسمى بأسمائنا من يصل إلى هذا الحد من الاستخفاف برب العالمين و بأنبيائه المرسلين، و لكنها الأيام تُداول بين الناس ولكل قوم وارث، (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ) الأنعام 10، وإن ناسا قالوا:” ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، و لا أكذب ألسنة، ولا أجبن عند اللقاء ” يريدون النبي صلى الله عليه و سلم و صحبه ، فأنزل الله فيهم : (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ) التوبة65-66.
فاللهم إنا نبرأ إليك مما قال هؤلاء، و لا تؤاخذنا اللهم بما فعل السفهاء
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم تسليما.
الجديدة في 29 ذي القعدة 1427 هـ
الموافق لـ 20 دجنبر 2006 م