رَمَضَانُ هَلَّ هِلاَلُهُ | فَاسْتَبْشِرُوا بِطُلُوعِهِ | |
وَبِصَوْمِهِ وَصَلاَتِهِ | وَبِذِكْرِهِ وَخُشُوعِهِ | |
فَاضَتْ عَلَيْنَا رَحْمَةٌ | بِالْخَيْرِ مِنْ يَنْبُوعِهِ | |
قَدْ عَادَ يُشْرِقُ بِالْهُدَى | يَا مَرْحَباً بِرُجُوعِهِ | |
رَمَضَانُ أَقْبَلَ بِالْمَسَـ | ـرَّةِ بَعْدَ طُولِ مَغِيبِهِ | |
رَمَضَانُ أَقْبَلَ وَالأَحِـ | ـبَّةُ بَشَّرُوا بِقُدُومِهِ | |
طَرِبَ الفُؤَادُ بِذِكْرِهِ | شَوْقاً إِلَى نَفَحَاتِهِ | |
شَهْرٌ بِلاَ عَدٍّ تَضَا | عَفَتِ الأُجُورُ لأَجْلِهِ | |
جَنَّاتُ عَدْنٍ فُتِّحَتْ | أَبْوَابُهَا لِقُدُومِهِ | |
وَالْمَارِدُ الشَّيْطَانُ فَهْـ | ـوَ مُسَلْسَلٌ فِي غِلِّهِ | |
وَيَقِلُّ شَرُّ النَّاسِ عِنْـ | ـدَ مَجِيئِهِ وَسُطُوعِهِ | |
وَيُغَلِّقُ الرَّحْمَنُ أَبْـ | ـوَابَ الْجَحِيمِ بِفَضْلِهِ | |
شَهْرُ العِبَادَةِ وَالتَّقَـ | ـرُّبِ وَالرِّضَا بِقَضَائِهِ | |
شَهْرٌ لِقَمْعِ هَوَى النُّفُو | سِ وَرَدِّهِ عَنْ غَيِّهِ | |
فُرَصٌ لِتَوْبَةِ مُذْنِبٍ | عَنْ ذَنْبِهِ وَرُجُوعِهِ | |
رَمَضَانُ وَاسِطَةٌ لِعِقْـ … | ـدِ شُهُورِنَا بِبَهَائِهِ | |
رَمَضَانُ أُنْسُ الذَّاكِرِيـ | ـنَ وَمَنْ أَنَابَ لِرَبِّهِ | |
شَهْرٌ تَزَيَّنَ كَالعَرُو | سِ مُفَاخِراً بِجَمَالِهِ | |
مَنْ قَامَ مُحْتَسِباً وَأَخْـ | ـلَصَ فِعْلَهُ بِخُضُوعِهِ | |
تُغْفَرْ لَهُ زَلاَّتُهُ | أَبْشِرْ بِحُسْنِ صَنِيعِهِ | |
خَيْرُ الرِّيَاضِ بِحُسْنِ مَنْـ | ـظَرِهِ وَطِيبِ ثِمَارِهِ | |
فَتَمَتَّعُوا ثُمَّ ارْتَعُوا | وَتَفَيَّئُوا بِظِلاَلِهِ | |
يَا مَرْحَباً يَا مَرْحَباً | بِمَجِيئِهِ وَطُلُوعِهِ | |
أَهْلاً وَسَهْلاً عِمْ بِهِ | شَهْراً يُهِلُّ بِخَيْرِهِ |
وتلك الأمثال
– كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار.
يضْرب مثلا للرجل يفر من الْأَمر إِلَى مَا هُوَ شَرّ مِنْهُ قَالَ الشَّاعِر:
المستغيث بعمروٍ عِنْد كربته … كالمستغيث من الرمضاء بالنَّار
وَنَحْوه قَول إِبْرَاهِيم بن الْعَبَّاس:
(وإنى وإعدادى لدهرى مُحَمَّدًا … كملتمسٍ إطفاء نارٍ بنافخ)
والرمضاء التُّرَاب الْحَار، وَقد رمض التُّرَاب إِذا حمى وَمِنْه قيل شهر رَمَضَان لأَنهم حِين سموا الشُّهُور وَافق شهر رَمَضَان وَقت شدَّة الْحر.
– إنَّ المُنْبَتَّ لاَ أرْضاً قَطَعَ وَلاَ ظَهْراً أبْقَى.
المنبتُّ: المنقطع عن أصحابه في السفَر، والظَّهْرُ: الدابة.
قاله عليه الصلاة والسلام لرجل اجتَهَد في العبادة حتى هَجَمت عيناه: أي غارَتَا، فلما رآه قال له: “إنَّ هذَا الدينَ مَتِينٌ فأوْغِلْ فيه بِرِفْقٍ، إنَّ المُنْبَتَّ” أي الذي يجدُّ في سيره حتى ينبتَّ أخيراً، سماه بما تؤول إليه عاقبتُه كقوله تعالى: {إنَّكَ مَيِّت وإنهم ميتون} .
يضرب لمن يُبالغ في طلب الشيء، ويُفْرِط حتى ربما يُفَوِّته على نفسه.
فوائد
أصل تسمية الشهور العربية:
“قيل: وإنما وضعوا هذه الأسماء على هذه الشهور لاتفاق حالات وقعت في كل شهر، فسمى الشهر بها عند ابتداء الوضع. فسموا المحرّم محرّما: لأنهم أغاروا فيه فلم ينجحوا، فحرّموا القتال فيه، فسمّوه محرّما. وسموا صفرا: لصفر بيوتهم فيه منهم عند خروجهم إلى الغارات. وقيل: لأنهم كانوا يغيرون على الصّفريّة، وهى بلاد. وشهرا ربيع: لأنهم كانوا يخصبون فيهما بما أصابوا في صفر، والربيع الخصب. والجماديان: من جمد الماء، لأن الوقت الذى سميا فيه بهذه التسمية كان الماء جامدا فيه لبرده. ورجب: لتعظيمهم له. والترجيب التعظيم. وقيل: لأنه وسط السنة فهو مشتق من الرواجب، وهي أنامل الأصبع الوسطى. وقيل: إن العود رجب النبات فيه أي أخرجه، فسمى بذلك. وكذلك تشعّب العود في الشهر الذى يليه، فسمى شعبان. وقيل: سمى بذلك لتشعبهم فيه للغارات. وسمى رمضان، أي شهر الحر. مشتق من الرمضاء. وشوّال، من شالت الإبل أذنابها إذا حالت، أو من شال يشول إذا ارتفع. وذو القعدة: لقعودهم فيه عن القتال إذ هو من الأشهر الحرم. وذو الحجة، لأن الحج اتفق فيه، فسمى به.
ويقال إن أوّل من سماها بهذه الأسماء، كلاب بن مرّة. ومن مجموع هذه الأشهر أربعة حرم، ثلاثة سرد، وهى: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم؛ وواحد فرد، وهو رجب.” نهاية الأرب
جمع الشهور: المحرَّمات، وأصفار، وأرْبِعة، وجُمادَيات، وأرجاب، وشعبانات، ورمضانات، وشوّالات وشواويل، وذوات القَعْدَة، وذوات الحِجَّة . ويقال شهور رجب وشهور رمضان…
سحر البيان
في كتاب اللطائف والظرائف.
“باب مدح شهر رمضان: في الحديث المرفوع: “إذا دخل شهر رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب النار، وصفّدت الشياطين”.
وكان عليه الصلاة والسلام يبشر أصحابه في شهر رمضان ويقول: «أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم».
وقال بعض الزهاد:
إن شهر الصيام مضمار نسك … وسباق إلى رضا المعبود
حلبة خيلها الصيام مع النّس … ك وإدخالها جنان الخلود
وقال آخر وهو أبدع ما قيل فيه:
شهر الصيام مشاكل الحمّام … فيه طهور جوامع الآثام
فاطّهر به واحذر عثارك إنما … شرّ المصارع مصرع الحمّام”
– ومر الحسن بقوم يضحكون في شهر رمضان، فقال: يا قوم، إنّ الله جعل رمضان مضمارا لخلقه يتسابقون فيه إلى رحمته؛ فسبق أقوام ففازوا، وتخلف أقوام فخابوا؛ فالعجب من الضاحك اللاهي في اليوم الذي فاز فيه السابقون، وخاب فيه المتخلفون! أما والله لو كشف الغطاء لشغل محسنا إحسانه ومسيئا إساءته.
نظرات في الأدب
قال محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل في كتابه الشعر في ضوء الشريعة الإسلامية: (إذا أمعنا النظر في هذه الآيات الكريمة (أي آيات الشعراء) وما تضمنه سياقها المحكم نجد أنها قسمت الشعراء قسمين ووضعتهم طبقتين:
الأول: قسم غاوون، مائلون عن الطريق السوي، والمنهج الأدبي لأنهم لا ينطقون بالحق، ولا يتكلمون بالعدل فتراهم في كل واد يهيمون، وفي شعاب الكذب والزور يتيهون، لا يَزِنُونَ الكلام إلا بميزان الهوى، ومعيار الغواية، فهؤلاء هم المذمُومون وعن طريق الحق متنكبون وعلى جياد الضلالة راكبون، إن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون.
القسم الثاني: فريق آمنوا بربهم واهتدوا بنور نبيهم عليه الصلاة والسلام فسابقوا إلى الأعمال الصالحات، وأخلصوا لله النيات ووزنوا أشعارهم بميزان الشريعة فهم لا يهجون إلا من هجاهم ولا يمدحون إلا من يستحقه لغنائه في الإسلام أو يذبُّون عن حياض الدين وينافحون عن شريعة سيد المرسلين أو يجمعون العلوم الشرعية النافعة وينظمونها لتحصل من ذلك الفائدة ويسهل تناولها على الآخذين ويحفظها الطلاب فهؤلاء ونحوهم ممن يخرج من عموم لفظ {وَالشُّعَرَاءُ} ويدخل في فريق المستثنى، وعلى هذين تتنزل الأحاديث الواردة في ذم الشعر تارة ومدحه أخرى.
قال المناوي رحمه الله: “وقد انعقد الإجماع على حِلِّ قول الشعر إذا قلّ وخلا عن هجوٍ وكذب وإغراق في مدح وتغزل فيما لا يحل”).
فسحة الواحة
– دخل أشعب على بعض الولاة وكان بخيلاً، وذلك في أول ليلة من شهر رمضان فأفطر عنده، فقدم جدي، فأمعن فيه أشعب وضاق الوالي. فقال: يا أشعب، إن أهل السجن سألوني أن أوجه إليهم من يصلي بهم في هذا الشهر؛ فامض وصل بهم واغنم ثوابهم. فقال: أيها الأمير؛ أو خلة أخرى؟ قال: وما هي؟ قال: أحلف بالطلاق والعتاق ألا آكل جدياً ما عشت أبداً. فضحك منه وأعفاه.
– أتت ليلة الشك في رمضان. فكثر الناس على الأعمش يسألونه عن الصوم، فضجر، ثم أرسل إلى بيته في رمانة، فشقها، ووضعها بين يديه، فكان إذا نظر إلى رجل قد أقبل يريد أن يسأله، أخذ حبة فأكلها. وكفى الرجل السؤال، ونفسه الرد.