معركة سيدي بوعثمان ذ. إدريس كرم

عرض العمليات
في اليوم الخامس من شتنبر (1912م) على الساعة الثالثة صباحا الكولون المتمفصل لثلاث مجموعات، والذي اجتمع مع مفرزة ليوطنا كولونيل “جوزيف” يوم 23 غشت تحرك على طريق مراكش وفق التشكيل التالي:
* الطليعة:
– مجموعة ليوطنا كولونيل “صافي”.
– الكوم الثالثة المختلطة، ليوطنا “بريزود”.
– الفصيلة الأولى للصبايحية الأول، القبطان “بيكارد”.
– فوج الاستعمار الثالث يضم أربعة فرق وفصيلة مدفعية، الكومندار “بوتيلوب”.
– فصيلة 75 تضم البطارية الأولى والمجموعة الرابعة الإفريقية، القبطان “جيسول”.
– فصيلة البطارية الخامسة 65، القبطان “جاكي”.
– الفوج السنغالي السابع “مونهوفن”، أربع مجموعات، وفصيلة راكبة 100 حصان.
* الكبرى:
– مجموعة الكومندار “ريف”.
– الفصيلة الرابعة للفرقة الرابعة اصبايحية، ليوطنا “فريطون”.
– الفوج الثالث للقناصة الجزائريين، الكومندار “بيرون”، أربع أفواج وفصيلة رشاشات.
– البطارية السادسة، استعمار 65، قبطان “بولي”.
– الفوج السادس السنغالي “ريف”، أربع فرق.
* القافلة الكبيرة:
– ليوطنا كلونيل “جوزيف”.
– السرية الأولى للقناصة الأفارقة “فالي”.
– المجموعة المختلطة، ليوطنا “كاري”.
– الفوج الثالث والرابع ازواوى “بيير”، فرقتان وفصيلة رشاشات.
– الفوج الثاني من الأول زواوى “كوصمان”، وبه فرقتان وفصيلة رشاشات.
– بطارية 75 القبطان “كوجوا”، وبه البطارية من مجموعة الفرقة الإفريقية.
– الفوج الثالث والرابع للقناصة الجزائريين “كورني”، به ثلاث فرق وفصيلة رشاشات.
* القافلة:
تؤطر القافلة من قبل مجموعة “جوزيف” وهي مكونة من:
– فصيلة العتاد ليوطنا “اكليسي”.
– فصيلة هندسة القبطان “كاسكول”.
* اسعاف.
* قطار الفيالق.
* جمال المؤونة.
الكولون وصل لبنكرير على الساعة العاشرة بعدما قطع 25 كلم دون حوادث، القوات تزودت بالماء، وأروت الدواب وحملت منه حوالي 10000 لتر في براميل.
بعد ذلك أمر “مانجان” القوات بمواصلة المسير على الساعة 14، لقطع مسافة 40 كلم، ما بين بنكرير وسيدي بوعثمان.
عندما بدأ الليل يقترب على الساعة السادسة مساء ضربت الخيام في “انزالت لعظم”، حيث بئر ماء على عمق حوالي خمسين مترا لكن سرعان ما جف عند الاستعمال.
الدواوير المجاورة على طول الطريق رحلت هاربة.
الموالون للطليعة أسروا أثناء سيرهم شخصا معاديا أرسل من طرف المحلة المتواجدة في سيدي بوعثمان للإخبار بمسيرنا، وقد مرّ الليل دون حوادث.
يوم 6 شتنبر تلقى الكولون الأمر التالي:
المقدمة مجموعة “ريف” مع الكوم الثالثة والبطارية الأولى 75 للمجموعة الثالثة الإفريقية الكبرى
مجموعة جوزيف مع بطارية استعمار المؤخرة والقافلة مجموعة صافي.
تم توزيع الوجبة الأولى من احتياط الماء بسرعة على الساعة الخامسة والربع صباحا بعدما لم يتم توزيعه باليل، مسيرة قواتنا لم تعترضها أية نيران، بل لم يلح لها أي عدو وهي سائرة، أدِلاؤنا يعتقدون أن المحلة تراجعت من سيدي بوعثمان لوادي تانسيفت، على مقربة من طلائع قواتنا.
في الساعة السادسة مساء تم إعادة توزيع ما بقي من احتياط الماء، وفي هذه الأثناء تزاحمت القافلة في المقدمة، بسبب ظهور الأعداء على بعد حوالي 3000م منها.
في السهل الممتد على سفوح مرتفع اجبيلات الممتد نحو سيدي بوعثمان لوحظ تواجد قوات مكونة من حوالي 10000 فارس وراجل مغربي موزعين لصفوف على طول جبهة يقدر طولها بحوالي أربع كلومترات يتقدمون في نظام لملاقاة الكولون.
توصلنا بأمر بترك الترتيب الذي كانت عليه القوات وهي سائرة (ثلاث مجموعات تراتبية وعمق) ليكونوا مربعا بكلومتر في كل ضلع ووسط تكون فيه القافلة.
مجموعة “ريف” في الطليعة؛ في خط القناصة تم تكوين الواجهة الأولى؛ مجموعة “صافي” كونت الواجهة الخلفية مع خط آخر للقناصة، هاتان المجموعتان كونتا الأجنحة من مفرزة المشاة، وبعد إقفال المربع بقيت مجموعة “جوزيف” في الوراء للاحتياط؛ المدفعية الموجودة بداخل المربع تحركت مع المجموعة المتعلقة بها؛ الكولون أيضا تحرك وفق رمي المدفعية المصاحبة له؛ لإحداث بعض الثلوم مع استعمال نيران المشاة لإبقاء رصاص بنادق الأعداء خارج المربع، ولضمان أقل الخسائر بعد بدء المعركة.
في السادسة وخمسة وأربعين دقيقة فتح الأعداء النار على الواجهة الجنوبية حيث الطليعة، لكن المجموعتين لم تردا على مصادر النيران لغاية بقاء مسافة 1500م.
القوات المغربية تتكون من حوالي 7000 إلى 8000 رجل من المشاة موزعين على صفوف، مدعومين من الأجنحة بحوالي 2000 إلى 3000 فارس.
بأمر من “منجان” طلبت “فصيلة 75 جونصول” من المؤخرة، والبطارية “75 جوجون”، اللتان وضعتا على الجبهة من قبل قيادة القناصة، بفتح النار على بعد 1400 متر من الأعداء.
شاهدنا القذائف تنفجر في المشاة والخيالة المغاربة الذين أبدوا شجاعة وتعصبا وحوية وهم يندفعون نحو الكولون؛ الواجهة الجنوبية للمربع بدورها فتحت النار على مهاجميها الأعداء الذين سبقوا طلقات المدافع وكونوا حولها حلقة يتقدمهم العلم وهم ينسابون نحو الأجنحة؛ ثم تم توقيف الرمي المدفعي من قبل القناصة على الأعداء، بعدما أحدثوا فيهم خسائر كبرى، مما جعلهم يفرون.
الواجهة الشرقية والغربية للمربع دعمت من طرف فصيلة 65 بطارية بول، حيث أطلقت بدورها النار على الأعداء للحد من نشاطهم، كما قام السنغاليون مجموعة “روف” المتواجدين على الجانب الغربي للمربع بمتابعة الهجوم على معترضي المؤخرة لثنيهم عن تعريضها للخطر عن طريق مهاجمة الفرسان المغاربة لها، فأمرت فصيلة 65 بتقديم المساعدة وإنعاش الدفاعات المهاجمة.
في الساعة السابعة والنصف بدى أن حيوية الأعداء أنهكت كل جبهات المربع بالرغم من أن مدافع الأعداء لم تحدث خسائر في الكولون نتيجة سقوط بعض القذائف داخل المربع، وانفجار بعضها بعيدا عن القوات.
تم التصدي للأعداء على كافة الجبهات مما جعلهم يتقهقرون في فوضى عارمة سمحت للمربع بالحراك أماما.
في الساعة الثامنة والنصف شاهدنا من بعيد خيام الأعداء ما تزال منصوبة، لكن الغبار المتصاعد في السماء يعلن أنهم يجمعون أغراضهم للرحيل، فواصلت مدفعية الجهة الجنوبية قنبلة خطوطهم، كما أمر الكلونيل “مانجان” القبطان “بيكارد” بجمع ما بقي من فرسان في الاحتياط والهجوم على مخيم المحلة.
تحرك الفرسان على الساعة التاسعة صباحا على ثلاثة خطوط، الخط الأول يضم فرسان الرحامنة، والخط الثاني اصبايحي، والخط الثالث فرسان الشاوية والكوم الثالثة وقوات إفريقيا، بلغ عدد أفرادها 400 فارس؛ هجمت بجرأة على خيام المعسكر بالسلاح الأبيض فقتلوا المئات وفر الباقي للمرتفعات فلوحقوا، بيد أن المشاة المغاربة المتمركزين على المرتفعات بين الصخور أوقفوا تقدمهم.
تابعت الكوكبة السنغالية الراكبة والفصيلة 75 تشتيت الأعداء، كما قامت المدفعية بتغطية المضيق الذي ستمر منه القوات نحو طريق مراكش، وإبعاد المغاربة الفارين عنها بالقنابل، كما احتل المشاة المرتفعات المحيطة بالطريق.
المهمة تمت بنجاح ولم نخسر سوى أهلي، وجرح ثلاثة فرسان، وقتل أو جرح ستة خيول.
الأعداء تركوا بين أيدينا مَدفعين، و14 صندوقا من القنابل، وعدة خيام، ومؤونة وأشياء أخرى.
حوالي العاشرة المكونات الأولى لمشاة المربع تابعوا تحركهم دون توقف منذ الساعة السابعة والنصف، وفي منتصف النهار كان الكولون معسكرا في سيدي بوعثمان، دون أن تنهار معنويات الأعداء الذين تخندقوا في مضايق سلسلة جبل اجبيلات من أجل دخول مراكش.
المعركة خلفت لنا في المجموع خمسة قتلى، و23 جريحا، و19 حصانا وبغلا قتيلا، و27 حصانا وبغلا جريحا، في حين تم إحصاء خسائر الأعداء بعد دخولنا مراكش بحوالي 2000 رجل ماتوا بسبب القنابل أو العطش والتعب بعد الفرار، وقد أحرقنا 1000 قذيفة مدفعية و54000 رصاصة.
بعثنا بممثلين يحملون رسائل للأعيان تبين عزمنا على تحميلهم مغبة اضطرارنا لقنبلة المدينة انتقاما لمقتل مواطنينا أو إلحاق الضرر بهم أو استمرار احتجازهم من قبل الهبة.
الكولون متعب نتيجة الجهد الشاق الذي بذله منذ مغادرته سوق الأربعاء، خاصة قافلة الشاة المحتاجة للراحة، ومع ذلك طلب منهم مواصلة العمل لوضع حد للمقاومة حتى يتسنى للقافلة الدخول للمعسكر لتستريح.
للاستفادة من الارتباك الذي يوجد عليه الأعداء قرر “منجان” تكوين كولون ثقيل مكون من القوات المحمولة وبعض المشاة بقيادة “سيمون”، كالتالي:
– قيادة الأركان، الكومندار “سيمون”، القبطان “كرنو”، ضابط الترجمة “سوميان”.
– 30 برطيزا رحامنا، و30 برطيزا الشاوية، الكوم الثانية، فرسان الكوم الثالثة، فرسان الفصيلة الأولى من الصبايحية الأولى، كوكبة قناصة إفريقيا، شعبة 75 محمولة، عربة إسعاف ثقيلة، طبيب ماجور.
هذا الكولون غادر سيدي بوعثمان في الواحدة بعد الزوال للوصول لواد تانسيفت لطرد بقايا المحلة هناك والتي تريد إعادة البناء والتهيئ للقتال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *