كانت الشواطئ المغربية بالأمس القريب وإلى حدود سنة 1960م في منأى عن وباء الاختلاط والعري الفاحش، فمعظم شواطئ المملكة كان غير مختلطا، إذ خصص جزء منها للرجال وآخر للنساء، أما اليوم فقد صارت الشواطئ مسرحا للتكشف والعري الفاحش.
وفي ظل هذا الجو الموبوء استعصى على الأسرة المسلمة التي تسعى للحفاظ على دينها وعفتها أن تجد مكانا لها على هذه الشواطئ تروح به عن نفسها وتستعيد به نشاطها بعد عام جهيد.
فماذا وقع خلال أقل من 50 سنة؟
ماذا يا ترى حدث على مستوى منظومة القيم والأخلاق حتى أصبحت المرأة تمشي في الشارع شبه عارية؟
لقد بات التدهور الأخلاقي سمة بارزة داخل مجتمعنا لا نحتاج إلى كثير عناء لإثباته، فمظاهر العري التي عمت جل شوارع مدننا، وانتشار الزنا والاغتصاب وزنا المحارم.. كل ذلك مؤشر يؤكد تآكل منظومة القيم والأخلاق داخل مجتمعنا.
إن فساد الأخلاق يجعل الأمة على خطر عظيم، لكن عندما يصل هذا النخر إلى قيمها؛ فإنها تكون على شفا هاوية، لقد كانت الحرب في ما قبل حرباً أخلاقية، كان الناس يفسدون وينحرفون، ولكنهم في قرارة أنفسهم كانوا يشعرون بوخز الضمير الديني، كانوا يحسون أنهم يتجاوزون خطوطاً حمراء وثوابت عالية، لكن في العقدين الأخيرين حدثت تطورات خطرة؛ فقد تغير سمت الحرب وتغير اسمها، ولم يعد أعداؤنا يرضون بانحراف الظاهر مع إنكار -ولو يسير- في المجتمع أو القلب، وفرق كبير بين مجتمع منحرف، ومجتمع إباحي.
فمن يا ترى المسؤول عن الآثار الوخيمة لانهيار منظومة القيم والأخلاق داخل مجتمعنا؟
أليس العري منظرا مخلا بالحياء العام؟
أليسنا في بلد مسلم يحرم فيه أن تكشف العورات في الشوارع والشواطئ؟
إن الوزارة المكلفة بالشؤون الإسلامية تتحمل المسؤولية أمام الله وأمام من يتضرر أبناؤه وبناته من هذا العري الفاضح، فكيف يمكن لمن يريد أن يربي بناته وأبنائه على العفة والحياء أن يتعايش مع واقع غلب عليه العري المهيج للغرائز والشهوات، والمزين لاقتراف الرذائل والموبقات؟ مما يجعل من يريد تطبيق الشرع في نفسه وأولاده يعيش صراعا مريرا، ومعاناة كبيرة.
وللأسف الشديد أن العري بصفة عامة وعري الشواطئ وما يصاحبه من تناول للخمور والمخدرات بصفة خاصة، يتم في أماكن عمومية توفّر لها الحماية من طرف مختلف مؤسسات البلاد، بل تسهم فيها عبر الأنشطة التي تسمى تزيينا ثقافية، كما توفر لها مجالس المدن والبلديات الظروف الملائمة حتى يتم فيها الاستمتاع بما حرم الله على الوجه الذي يريده من استزلتهم شياطين الإنس والجن.
أليس هذا العري المنتشر في الشوارع والمدارس والمسابح والشواطئ، والذي تعمل وسائل الإعلام العلمانية جاهدة على تطبيعه يخالف في الصميم المذهب المالكي.
قال القاضي عياض رحمه الله في ترتيب المدارك (3/86) في ترجمة أبي علي الحسن بن نصر السوسي المالكي: “وكان يأمر أن يمشى على شاطئ البحر والمواضع الخالية، فإن وجدوا رجلا مع غلام حَدَث أتوا بهما إليه، فإن لم تقم بينة أنه ابنه أو أخوه، وإلا عاقبه”.
فماذا سيكون رأي القاضي عياض لو رأى شواطئنا الماجنة، فرأى نساء ورجالا عراة مستلقون تحت أشعة الشمس..غافلين عن مستقبل قريب لا ينفع الإنسان فيه مال ولا بنون، يحاسب فيه عن شبابه فيما أبلاه..؟
ألا يمكن أن نستمتع بأشعة الشمس ومياه البحر ورمال الشاطئ دون أن نخالف المعلوم من الدين بالضرورة؟