عرف العلماء التقليد اصطلاحا بقولهم: هو “اتباع قول الغير من غير دليله” .
و يمكن بيان هذا التعريف في الآتي1:
1- أن التقليد هو الأخذ بقول الغير، أما الأخذ بالكتاب والسنة والإجماع فلا يسمى تقليدا وإنما هو اتباع ، فيكون المراد من قول الغير (اجتهاده).
-2أن التقليد لا يكون إلا مع عدم معرفة الدليل، وهذا إنما يتأتى من العامي المقلد الجاهل الذي لا قدرة له ولا نظر له في الأدلة، بخلاف المتبع (وإن لم يصل مرتبة الاجتهاد) فتنبه.
3- المقلد تابع للمجتهد في اجتهاده، يلزمه تقليده، وليس له أن يرجح أو يصوب أو يخطئ، إذ لا قدرة له على ذلك، لذلك ساغ تسمية التقليد تقليداً، فكأن المقلد وضع أمره وفوضه إلى المجتهد، كالقلادة إذا جعلت في العنق.
والتقليد في الجملة جائز للعامة. قال شيخ الإسلام رحمه الله: “والذي عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز في الجملة، والتقليد جائز في الجملة، ولا يوجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد، ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد ” اهـ.
حكم التقليد
أما حكم التقليد على وجه التفصيل فمنه ما هو جائز، ومنه ما ليس بجائز .
أما التقليد الجائز فهو ما تحققت فيه الشروط الآتية:
1ـ أن يكون المقلد جاهلا، عاجزاً عن معرفة حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما القادر على الاجتهاد فالصحيح أنه يجوز له التقليد حيث عجز عن الاجتهاد إما لتكافؤ الأدلة، وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور دليل له، فإنه حيث عجز سقط عنه وجوب الاجتهاد وانتقل إلى بدله وهو التقليد. والمتبع أولى، فتنبه.
2ـ أن يقلد من عرف بالعلم والاجتهاد من أهل الدين والصلاح .
3ـ ألا يتبين للمقلد الحق وألا يظهر له أن قول غير مقلده أرجح من قول مقلده، أما إن تبين له ذلك أو عرف الحق وفهم الدليل فإن التقليد والحالة كذلك لا يجوز، بل الواجب عليه اتباع ما تبينت له صحته .
4ـ ألا يكون في التقليد مخالفة واضحة للنصوص الشرعية أو لإجماع الأمة .
5ـ ألا يلتزم المقلد مذهب إمام بعينه في كل المسائل، بل عليه أن يتحرى الحق ويتبع الأقرب للصواب ويتقي الله ما استطاع.
أنواعه
أما التقليد المذموم فهو أنواع، بيانها كالآتي:
1- الإعراض عما أنزل الله، وعدم الالتفات إليه اكتفاءً بتقليد الآباء.
2- تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل لأن يؤخذ بقوله .
3- تقليد قول من عارض قول الله وقول رسوله صلى الله عليه و سلم كائنا من كان ذلك المعـارض.
4- التقليد بعد وضوح الحق ومعرفة الدليل .
5- تقليد المجتهد القادر على الاجتهاد مع اتساع الوقت وعدم الحاجة ، والمتبع من باب أولى.
6- تقليد مجتهد واحد بعينه في جميع اجتهاداته، (وهو تقليد مذهب معين في كل المسائل –وقد مر معنا-).