“تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ، وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” النحل.
يذكر تعالى أنه أرسل إلى الأمم الخالية رُسُلا فكُذِّبت الرسل، فلك يا محمد في إخوانك من المرسلين أسوة، فلا يهيدنَّك تكذيب قومك لك، وأما المشركون الذين كذبوا الرسل، فإنما حملهم على ذلك تزيين الشيطان لهم ما فعلوه، “فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ” أي: هم تحت العقوبة والنكال، والشيطان وليهم، ولا يملك لهم خلاصا؛ ولا صريخ لهم ولهم عذاب أليم.
ثم قال تعالى لرسوله: أنه إنما أنـزل عليه الكتاب ليبين للناس الذي يختلفون فيه، فالقرآن فاصل بين الناس في كل ما يتنازعون فيه “وَهُدًى” أي: للقلوب، “وَرَحْمَةً” أي: لمن تمسك به، “لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ”.
“وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ” وكما جعل تعالى القرآن حياة للقلوب الميتة بكفرها، كذلك يحيي [الله] الأرض بعد موتها بما ينـزله عليها من السماء من ماء، “إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ” أي: يفهمون الكلام ومعناه. (تفسير ابن كثير رحمه الله تعالى).