من أراد أن يدرك حجم التدخل الأجنبي في شؤون المغرب ومسه بسيادته ووحدته ودينه فعليه أن يمعن النظر في كل مستجد تعرفه الساحة الفكرية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الدينية، ويقوم بدراسة تلك المستجدات دراسة متأنية، ويتتبع الخيوط التي تنظم بين فاعليه، فحينئذ سيدرك لا محالة أن أي زوبعة تنشأ في أي من هذه المجالات يقف وراءها طرف يهمه إحداث تغيير في بنية هذا المجتمع وتركيبته.
فبالأمس القريب خرج علينا اللواطي منسق جمعية “كيف كيف” ليدلي بتصريحات مستفزة تمس منظومة قيمنا وأخلاقنا، وما كان ليجرأ على ذلك إن لم يكن موقنا أن وراءه جهة قوية تدعمه وتحميه، وقد تابعنا جميعا الاستقبال الحار الذي خص به السفير الإسباني في الرباط “لويس بلاناس” زعيم الشواذ هذا، وكيف دافعت الصحافة الغربية ومن ورائها العلمانية المحلية عن حقوق هؤلاء المنحرفين.
وبعد خروج حركة “مالي” (الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية) قامت أم المدعوة زينب الغزوي بإشعار وزارة الخارجية الفرنسية باختفاء ابنتها، لتقدم لها التغطية والدعم اللازمين، وقد وعدت السفارة الفرنسية -حسب مصدر من العائلة- باتخاذ الإجراءات اللازمة لكشف مصير ابنتها.
وفي نفس السياق طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” العاملة في مجال حقوق الإنسان، في بيان لها الحكومة المغربية بإسقاط جميع الدعاوى عن المجموعة التي اعتقلت بتهمة التخطيط للقيام بإفطار جماعي علني في نهار رمضان، وطالبت المنظمة في بيانها أن يلتزم المغرب بالمادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه الرباط بكون أنه من حق كل فرد: “حرية الفكر والدين والاعتقاد، ويشمل هذا الحق الحرية في اختيار الدين أو المذهب الذي يتبعه الفرد، أو الجماعة، كما له الحق في إعلان أو إخفاء دينه أو معتقده في الأماكن الخاصة أو العامة”.
يجب أن نعلم جيدا أن فعلا من هذا القبيل لن يقدم عليه أي طرف داخل مجتمع محافظ إن لم يكن موقنا بتوفر الحماية والتغطية اللازمتين، وهو ما يتحقق دائما لكل من يتجرأ على المس بعقيدتنا وقيمنا وأخلاقنا، حيث تسارع المنابر العلمانية والجمعيات الحقوقية والمنظمات الغربية والقنصليات والسفرات الأجنبية لحمايته ومساندته ودعمه.
ويسهل علينا فهم هذا الأمر إذا علمنا أن 72 جمعية مغربية تتلقى تمويلا أجنبيا، والجهات المانحة للدعم تتوزع بين هيئات ووكالات حكومية تابعة لدول بعينها مثل إسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلجيكا وإيطاليا، أو السفارات المعتمدة لهذه الدول في المغرب، ومن جهة أخرى هناك مؤسسات ومنظمات غير حكومية تعمل في مجالات متعددة أبرزها هيئة السلام الأمريكية وصندوق حقوق الإنسان العالمي بواشنطن، وجمعية التضامن اللائكي بفرنسا.. وغيرها من الهيئات المتعددة.
إن محتل الأمس لم يعد يكتفي اليوم بالتدخل عن طريق الدعم المطلق الذي يقدمه للجمعيات العلمانية التي تخدم توجهاته ومخططاته فحسب، بل انتهج خطة أكثر جرأة ووقاحة، وهي التدخل المباشر عن طريق السفارات والمراكز الثقافية.. وهي أعمال تذكرنا بما كان يحدث قبيل فرض نظام الحماية وأثناءه.