معركة بودنيب وواحاتها

في رسالة من “جونار” العامل العام بالجزائر إلى وزير الخارجية الفرنسية من الجزائر في 5 مايو 1908، جاء فيها: 

يسعدني إبلاغك بالمعلومات التالية التي توصلت بها من تلزازة في 4 مايو صباحا من قبل الجنرال فيجي: “تبعا لما وصل اليوم من خنك اكرو فإن المستطلعين المبعوثين إلى ناحية شمال أنوال في غرب آيت يعقوب وجبل بودلا للقاء جزء من الأعداء البرابرة؛ حيث تبادل الطرفان إطلاق النار؛ فقتل خمسة برابرة، وجرح كوميان جروحا خطيرة.
المستطلعون احتلوا آيت يعقوب وهي مجموعة من القصور الموجودة على بعد حوالي 35 كلم من خنك كرو حيث يوجد القصر الرئيسي الذي حاول ساكنته المقاومة.
وسأقوم غدا بمهاجمة آيت يعقوب لأنها القصبة التي تقدم أكبر قدر من المنخرطين الذين يقاوموننا”.
وفي رسالة أخرى رقم:272 من الجنرال بابو قائد الجيش 19 إلى وزير الحرب الفرنسي صادرة من الجزائر بتاريخ 11 مايو 1908 جاء فيها:
الجنرال فيجي بعث من بني تجيت في 8 مايو المعلومات التالية:
اليوم 11 مايو “لقد حملت إلى آيت يعقوب حيث وصلت دون حوادث، مجموعة القصور صارت خالية، لقد عثرت على بعض التموينات المختلفة التي وزعتها على القوات.
في 4 مايو وصل الكلون الكبير وكل المشاة تحت إمرة ليوطنا كولونيل بيرون إلى دويرت السبا حيث وصلت في الصباح الباكر من يوم 5 مايو، حوالي 200 من السكان أطلقوا النار على الكولونيل فرد عليهم المشاة بالمدافع من عيار 75 ملم، حيث أصبح القصر مزعزع الأركان، فتراجع المدافعون عنه إلى الجبال حيث لوحقوا. وقد انتهت المقاومة بعد حوالي ساعة من تبادل إطلاق النار واحتلت قواتنا القصر الذي أمرت بهدمه.
في نفس اليوم على الساعة الواحدة، أخذ الكلون طريقة نحو قصر آخر بدويرت السبا على بعد 16 كلم على واد آيت عيسى، هذا القصر هو أيضا أخلي وتم هدمه. وفي اليوم الموالي له أي 6 مايو الكولون الكبير التقى القافلة التي تركتها في آيت يعقوب حيث وجدت ممثلي قصور الضفاف الداخلية لوادي عين يطلبون الأمان.
في 7 ماي قمت مع قواتنا بالتعسكر في بني تادجيت على وادي عيسى التي استولينا عليها. اليوم 8 ماي يوم راحة؛ عملت اليوم على التعرف على مختلف الاتجاهات الذاهبة إلى بودنيب حيث مقر القائد مولاي لحسن وتمركز حشوده المهمة التي سأتولاها غدا.
سكان القصور والوهاد بوادي عيسى الذين طلبوا الأمان والذين لم يتخلوا على مساكنهم بقوا على حالهم، لأن ما يهم هو سلوكهم اتجاهنا.
الجنرال فيجي أنجز بنجاح الجزء الأول من عمليات برنامجه الذي سبق أن حاز موافقتكم وذلك بتدمير دويرت السيبا حيث يتمركز الولي مولاي الحسن لتنظيم الحركة المضادة لنا.
الجنرال فيجي تصرف بنفس النجاح كما أظن لأنه يضع اليوم كل الإمكانيات المتحركة لإنجاز الجزء الثاني من برنامجه، وهو تشتيت التجمعات التي تشكل ثانية بين بودنيب وبوعنان ومعاقبة البربر بإجراء عقاب رادع لهم يعطيهم الإحساس بقوتنا المادية والمعنوية التي تمكننا من معاقبة كل معارض لنا مهما كان بعيدا.
لن نعيد قوات كثيرة، وسنبدأ بالمجموعات الأوروبية في أقدم الثكنات بعد الانتهاء من تأمين نقط الاحتلال المؤقتة بعد موافقتكم. وذلك من أجل ضمان أمن حدودنا وإبقاء الانطباع للبربر بأننا لسنا فقط حركة ومرت.
وفي رسالة 280 صادرة من الجزائر في 13 مايو 1908 بعث الجنرال بابولد قائد أركان الجيش 19 إلى وزير الحرب الفرنسي ما يلي:
توصلت بالمعلومات التالية من عين الصفرة:
“كولوبر أبرق لي: بمعلومات حول موضوع قياد جنرال تافيلالت تأكدت حيث توجد تجمعات هامة في واد مريوح شرق تافيلالت في اتجاه بودنيب.
الشريف مولاي الحسن عسكر في الجبال غرب بودنيب آيت خباشي لم يتحركوا الآن خوفا من انتقامنا من تجمعاتهم بعد مجابهة 11 مايو الأخير منتظرين تعزيزات على ما يبدو.
من جهة أخرى كل من يريد أن يغادر تافيلالت نحو بشار يمنع بخلاف من يرد عليها.
وفي 15 مايو 1908 بعث العامل العام للجزائر إلى وزير الخارجية برسالة جاء فيها (رقم:282) لقد أبرق إلى الجنرال فيجي بالرسالة التالية:
لقد وصلت إلى بوعنان في 10 مايو وبعد يوم من الراحة تابعت طريقي نحو بودنيب حيث توجد هناك تجمعات هامة للمناهضين لنا، يوم أمس 13 مايو مع منتصف النهار لمهاجمة ذلك القصر وفي 14 منه لما وصلت إلى الساحل حيث كانت حركة المناهضين لنا تسير للقائي بدأت المعركة على الساعة 3 مساء على بعد 10 كلم من بودنيب، وكانت معركة قاسية تواصلت داخل واحة بني وزين حيث كان الأعداء بالمآت والتحموا بنا في ضراوة وشراسة وتدخلت مدافع المشاة والقناصة الأفارقة والصبايحية إلى أن خيم الليل ففر الأعداء مخلين الواحة.
وفي الصباح نهضت ضد قصر بودنيب مركز تجمع الحركة وقد دامت المعركة ثلات ساعات من الثالثة إلى السابعة مساء تكبد فيها الأعداء خسائر فادحة، وأما نحن فقد خسرنا 13 قتيلا منهم ثلاثة ضباط و58 جريحا فيهم أكثر من 7 ضباط.
وفي 20 ماي 1908 بعث الجنرال بيود قائد أركان الجيش 19 من الجزائر إلى وزير الحرب الفرنسية بالرسالة التالية:
بودنيب 18 مايو: المعلومات الجديدة والمجمعة والمتحقق منها في عين المكان تبين أن وحدات مسلحة اجتمعت في يودنيب تريد إعلان الحرب المقدسة في أيام 13 و14 مايو تضع على الأقل 6000 من المشاة و700 فارس، وقد اجتمع أفرادها من كل قصور تافيلالت وأعالي كير وزيز وسكان النواحي الرحل.
بعض المقاتلين جاؤوا أيضا من درعة والأطلس بعثت مستطلعين لمعرفة ماذا سيفعلون. وحدات من 100 راجل و200 فارس ما يزالون في تولال بأعالي كير لم يتمكنوا من اللحاق بالحركة الكبيرة يوم 14 مايو فتشتتوا بعد ما علموا باستيلائنا على بودنيب.
وفي 23 مايو 1908 كتب الجنرال قائد أركان الجيش 19 من بودنيب إلى وزير الحرب البرقية التالية:
لقد وصلنا إلى بودنيب صحبة الجنرال ليوطي يوم 23 مايو وقد اينا الوصفية مع الجنرال فيجي انطباعنا بأن الاحتلال المؤقت لبودنيب طرح من طرف الجنرال فيجي بعد معركة 13 أو 14 مايو لتأكيد نجاحنا وعرقلة أي إمكانية لعودة تشكيل حركة مقاومة جديدة تسير إلى حربنا في تافيلالت.
وعلى إثر هذه الزيارة بعث العامل العام بالجزائر إلى وزير الخارجية الفرنسية من الجزائر في 25 مايو 1908 رسالة يقول فيها:
وفقا لرأي الجنرال قائد الجيش 19 والجنرال ليوطي أرى أنه لابد من وضع يد قواتنا مؤقتا على بودنيب لأن انسحابنا منها سيكون بالتأكيد إشارة إلى تجدد الاضطرابات، وأضيف بأن التحريض بانبعات العودة إلى محاربتنا ينطلق من الطوس، والبرابرة في تافيلالت لا يعدمون الأسباب لمتابعة مخطط الحركة إذا ما أنقذوا من مخاوف جهة بودنيب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *