حكم هيئة كبار العلماء بمصر على كتاب (الإسلام وأصول الحكم) لعلي عبد الرازق

الدين الإسلامي بإجماع المسلمين ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من عقائد وعبادات ومعاملات لإصلاح أمور الدنيا والآخرة.

وإن كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلاهما مشتمل على أحكام كثيرة في أمور الدنيا وأحكام كثيرة في أمور الآخرة.
والشيخ علي في الصفحة 78-79 يزعم أن أمور الدنيا قد تركها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تتحكم فيها عواطف الناس وشهواتهم، وفي الصفحة 85 زعم أن ما جاء به الإسلام إنما هو للمصلحة الأخروية لا غير، وأما المصلحة المدنية أو المصلحة الدنيوية، فذلك مما لا ينظر الشرع السماوي إليه، ولا ينظر إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم-.
وواضح من كلامه أن الشريعة الإسلامية عنده شريعة روحية محضة، جاءت لتنظيم العلاقة بين الإنسان وربه فقط، أما ما بين الإنسان من المعاملات الدنيوية وتدبير الشئون العامة فلا شأن للشريعة به، وليس من مقاصدها.
وهل في استطاعة الشيخ علي أن يشطر الدين الإسلامي شطرين، ويلغي منه شطر الأحكام المتعلقة بأمور الدنيا، ويضرب بآيات الكتاب العزيز وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عرض الحائط؟
وهل يجترئ الشيخ علي أن يسلخ الأحكام المتعلقة بأمور الدنيا من الدين، ويترك الناس لأهوائهم، ويقول: «إن ذلك من الأعراض الدنيوية التي أنكر النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون له فيها حكم وتدبير» ويدعي على النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدعوى؟
وهل يرى الشيخ علي أن تدبير أمور الدنيا، وسياسة الناس أهون عند الله من مشية يقول الله في شأنها: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء:37] وأهون عند الله من شيء من المال يقول الله في شأنه: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء:5] ويقول أيضا: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء:39] وأهون عند الله من صاع شعير أو رطل ملح يقول الله في شأنهما: {أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ، وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الشعراء:181-182].
وماذا يعمل الشيخ في مثل قوله تعالى: {إِنَّا أنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105] وقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة:49] وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}[النساء:58 ].
وقوله تعالى: {لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29] وقوله تعالى في شأن الزوجين: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء:35]. وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا} [النور:27].
وماذا يعمل الشيخ علي في مثل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما: أن ابنة النضر، أخت الربيع، لطمت جارية فكسرت سنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم “فأمر بالقصاص، فقالت أم الربيع: يا رسول الله: أتقتص من فلانة؟ لا والله! فقال: سبحان الله يا أم الربيع!! كتاب الله القصاص”.
ومثل ما رواه البخاري في صحيحه عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما أنه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة».
وما رواه أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: «قضى النبي صلى الله عليه وسلم إذا تشاجروا في الطريق بسبعة أذرع».
وما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قضى بيمين وشاهد».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *