قال الله عز وجل: “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ” (سورة البقرة: الآيتان: 35-36).
قال الإمام السعدي: “لما خلق الله آدم وفضّله أتم نعمته عليه; بأن خلق منه زوجة ليسكن إليها ويستأنس بها; وأمرهما بسكنى الجنة; والأكل منها رغدا; أي: واسعا هنيئا، “حَيْثُ شِئْتُمَا” أي: من أصناف الثمار والفواكه; وقال الله له: “إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى”.
“وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ” نوع من أنواع شجر الجنة; الله أعلم بها، وإنما نهاهما عنها امتحانا وابتلاء [أو لحكمة غير معلومة لنا]، “فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ” دل على أن النهي للتحريم; لأنه رتب عليه الظلم.
فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه; حتى أزلهما، أي: حملهما على الزلل بتزيينه. “وَقَاسَمَهُمَا” بالله “إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ” فاغتَرّا به وأطاعاه; فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والرغد; واهْبِطُوا إلى دار التعب والنصب والمجاهدة”. (تيسير الكريم الرحمن (ج1/ ص49).