سلسلة التوحيد عند السادة الصوفية: فتح العلي بتوضيح معنى الولي الأولياء ودعوى سقوط التكاليف عنهم -5- أبو محمد عادل خزرون التطواني

من المعلوم في الشريعة الإسلامية أن التكاليف الشرعية لا ترفع إلا عن ثلاثة أصناف؛ كما جاء في الحديث:
فعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ” .
فمع ثبوت هذا الحديث عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، يزعم بعض الصوفية أن التكليف رفع عنهم، فإن كانوا كذلك فلن يخرجوا عن ثلاث حالات:
الأولى: أن يكونوا صغاراً أطفالاً، فلا يؤخذ بقولهم، وهذا لا يمكن لأنهم كبار في السنِّ وقد بلغوا الحلم، وجرى عليهم القلم، فهم قوم سفهاء كالأطفال، لا عبرة بأقوالهم ولا برؤاهم ولا بآرائهم، فكم يُتبعون إذن؟
فليسأل كل صوفي نفسه عن ذلك، كيف تتبع قوماً سفهاء الأحلام، وكثيري الأوهام؟ أم هي من تلبيسات إبليس اللعين. قال الله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ على عِلْمٍ﴾ الآية . وقوله سبحانه وتعالى: ﴿أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ﴾ .
الثانية: أن يكونوا نياماً غير مستيقظين، فلا يؤخذ بقول النائم، لأن القلم رفع عنه، وهم ليسوا نياما، بل هم مستيقظون يتحركون ويمشون ويعرفون من حولهم ويخاطبونهم ويكذبون على من تبعهم، ويتخبطون في مقالاتهم، ومثلهم في القرآن كمثل فرعون مع قومه، حيث قال الله تعالى: ﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ، فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ، فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ﴾ .
الثالثة: وهي التي لم يبق غيرها، أن يكونوا مجانين، وهذا هو الأقرب للصواب، لأنهم أصيبوا في عقولهم فبدؤوا يهذون، فهم كالكبير الخَرِف، الذي لا يُعتد بقوله ولا فعله كما هو معلوم من الشرع المطهر، بل لا يجوز له مطلقا التصرف في ملكه، بل لا بد من الحجر عليه، حتى لا يسيء التصرف في ممتلكاته.
فأولئك الصوفية إما أن يكونوا مجانين، والمجنون لا يُعتد بقوله، ومحله مستشفى الأمراض العقلية، وإما أن يكونوا مخرفين والمُخَرِّف يُحجر عليه لقصر عقله، وسفه تفكيره، وسوء تدبيره، وبهذا لا يؤخذ بقولهم في سقوط التكاليف عنهم، أو أن النبي صلى الله عليه وسلم يأتيهم في منامهم ويقظتهم ويأمرهم وينهاهم، ومن قال بذلك فقد استخف بعقول الناس، لأنه يصادم شِرْعَةَ الله تعالى، ويخالف ما عليه إجماع المسلمين من انقطاع الوحي بعد موته صلى الله عليه وسلم، وأن الدين قد اكتمل قبل موته صلى الله عليه وسلم..
فأين عامة الصوفية من ادعاءات كبرائهم وزعمائهم؟
ألا يفيقون من غفلتهم، ويستيقظون من رقدتهم؟
أم إنهم عند ربهم سيختصمون؟
قال كبريتهم ابن عربي:
العبد رب والــــرب عبد يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك رب أو قلــــــت رب أنى يكلف
فلما صار عنده عين وجود الرب هو عين وجود العبد، صار كل واحد عنده هو عين الآخر، وإذا كان الرب لا تكليف عليه، والرب هو العبد، فالعبد أيضاً لا تكليف عليه.
فهل يقول هذا الهراء ويتفوه بهذه الزندقة عاقل منصف أو عالم تقي ورع يخاف الله ويخشى الوقوف بين يديه؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *