ما زال كثير من الناس لا يبالي بنوع الرقية ونوع الراقي ولا يتحرى المشروع في هذا الأمر، عندما يذهب ليعالج مرضا عنده فقد يقع فيما هو أشد وأخطر، وهو الشرك والكفر بالله.
كذلك فإن الناس قد توسعوا في أمر الرقية بلا ضوابط شرعية، فإذا نزل بأحدهم ابتلاء أو حلت عليه نازلة سارع في البحث عن راقي ليرقيه، هذا إن كان ذا دين، في حين يسارع طرف آخر في البحث عن المشعوذين والسحرة والدجالين ليرقوهم رقية شركية من طبيعة الحال.
موقف المسلم أمام الابتلاءات
يبتلي الله عباده بالضراء والسراء وبالخير والشر فيجب أن يكون موقف المسلم المؤمن أمام هذه الابتلاءات موقف الصبر والرضا والاحتساب، فإذا أصاب المسلم مصيبة أو مرضٌ فإنه عليه:
أولا: أن يعلم أنه من عند الله وأنه بقضاء الله وقدره، فيصبر ويحتسب الأجر من الله، وفي الحديث “إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، و من سخط فله السخط” (الصحيحة 1/144).
ثانيا: أن يحاسب هذا العبد نفسه فما أصابه شيء إلا بسبب ذنوبه، والله من حكمته أنه يعجل العقوبة للمؤمن في هذه الدنيا على أمور أصابها، فيبادر المسلم إلى التوبة والاستغفار ويقلع عن الذنب ويحمد الله على ألم يستدرجه كما استدرج أهل الشقاء.
ثالثا: عليه أن يتوكل على الله وأن يعتمد عليه في زوال ما أصابه، ويكثر من الدعاء إلى الله عز وجل ليزيل عنه ما أصابه.
رابعا: إن الإنسان لا ينبغي له أن يستسلم للأوهام والوساوس لأن الإنسان الذي يصاب بمرض الوهم والوسواس يخيل إليه أنه مصاب ومريض، وكل ذلك من الشيطان، فيوهن عزمه ويشغله عن الطاعات، ويصبح دائما يفكر في المرض وأنه مصاب ويخاف من كل شيء، وعلم المسلم ألا يستسلم لذلك وأن يكون عنده إيمان قوي وتوكل على الله وثقة بربه، حتى يسلم من الأمراض الوهمية.
عندما تتحول الرقية إلى العبث والضياع
لقد توسع بعض الناس في أمر الرقية وأخرجوها عن حدها الشرعي، واتخذوا منها حرفة وتجارة، وهذا من العبث الذي يخشى منه الضياع، فمثل هؤلاء قد لا يبالون بالحلال والحرام ولا يبالون إذا كانت الرقية شرعية أم شركية وهمهم الكسب المادي والدراهم فقط، وهذا التوسع في أمر الرقية لم يكن معروفا عند السلف فلم يتفرغوا للرقية ولم يخصصوا لها أماكن ولا موظفين.
كذلك من الناس من يبالغ في الرقية حتى يخرجها عن الحد الشرعي، فمن القراء من يقرأ في خزان ماء، ومنهم من يقرأ في قوارير كبيرة وصغيرة وتباع بأسعار مختلفة، فهذه قراءة مكثفة وهذه قراءة عادية وهذا كله من العبث لأنه يخرج الرقية عن حدها الشرعي.
ولا تجعل مادة للكسب وابتزاز أموال الناس.. الرقية عبادة ودعاء ولا بد أن يتقيد فيها بما شرع ولا يجوز التوسع فيها.