ماذا لو خرج الدجال الأعور..؟ ذ.أحمد اللويزة

الدجال مخلوق من مخلوقات الله جعله فتنة للعاملين، وعلامة من علامات الساعة، ثبت خبره بالحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مسلم في صحيحه وغيره من أهل التصنيف، وجمع في رواياته الشيخ الألباني رسالة مفردة وبين الصحيح منها مما ليس كذلك، ذكرت تنبيها إلى المنكرين لخروج الدجال.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من أحواله وأحداثه وغرائبه وعجائبه وخوارقه ما يبهر الأبصار ويحير الألباب ويفتن القلوب، وقد صدق وأمن من صدق وآمن، وأنكر من أنكر وتأول من تأول، كل بحسب إيمانه ومنهجه في القبول والرد، والحق لا يليق به الرد.
إن سلوك الدجال وأعماله في جوهرها قائمة على تزوير الحقيقة، وخداع الأغبياء والبسطاء، ضعيفي الإيمان واليقين في الله عز وجل، لذلك سيكون له أتباع يفوقون الحصر ويستعصون على العد، وإذا كان عمل الدجال الكبير كما ورد في الأحاديث الصحيحة الثابتة لم يحن وقت ظهوره، فإن الدجالين الصغار اليوم كثر في شتى المجالات ومختلف المواقع يقلبون الحقائق ويزورون الوقائع، ويلبسون على العامة، وقصدهم كقصد دجال آخر الزمان من إفساد في الأرض وغواية للبشر وإضلالهم عن الحق وهلم جرا.
وللأسف فالمنبهرون بهم بلا حصر أيضا، والمصدقون لكذبهم كثير، والسائرون على دربهم زرافات ووحدانا ممن أثر فيهم الدجل لخلو قلوبهم من نور الوحي الكاشف لبطلان ما هم عليه، فحرموا العصمة من فتنهم فما بالك بفتن الدجال الأكبر فاللهم سلم سلم.
على مر التاريخ عرفت البشرية دجاجلة كثر، أما الدجالون اليوم فأنواع وأشكال، أفراد وجماعات؛ منهم الإعلاميون وربما هم على رأس القائمة بصحفهم وقنواتهم ومجلاتهم وإذاعاتهم، وفنانون بأفلامهم وأغانيهم ورسومهم، وكتاب بتآليفهم وسياسيون بقراراتهم ومثقفون باقتراحاتهم ورؤاهم! ومتلبسون بالعلم الشرعي باختياراتهم ومواقفهم وفتاواهم… يتحكمون في القلوب والعقول بوسائل شتى، مكنهم الله من الوسائل المادية والمعنوية كما سيمكن كبيرهم من خوارق عظيمة، كلهم يمارس دجله وتلبيسه، وله أتباع بأعداد كبيرة يؤمنون بما يبشر به ويخبر، ويلهجون بذكره ويقومون بالدفاع عنه والدعاية له.
الغرب اليوم يعتبر دليلا ساطعا وبرهانا قويا على أن الدجال خبره حق وأن ما سيحصل من أمره صدق. فمن المعلوم أن ما وصل إليه الغرب اليوم هو تطور علمي وتكنولوجي باهر، لكن المسترشد بنور الوحي ينظر إلى عظمة الله الذي خلق الخلق، وخلق هذا الإنسان ومكنه ليصل إلى ما وصل إليه، ويرى أن هذا كله لا يساوي شيئا أمام عظمة الخالق البديع، ولا يخرج عن قوله تعالى {وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}. بينما الجهلة الفارغون من نور الوحي يألهون هؤلاء ويتخذونهم أربابا من دون الله، لانبهارهم الشديد وذهولهم أمام هذه المكتشفات والمخترعات التي تزعزع القلوب، وتنبهر بها العقول إلى حد بعيد، فيحمله ذلك إلى التنقيص من الإسلام والمسلمين والوحي الرباني ويسخر من نفسه لأنه ينتمي إلى أمة الإسلام لما فشا فيها من الجهل والتخلف لبعدها عن الأسباب الشرعية والكونية.
فاتبع الدجاجلة الصغار في انتظار أن يخرج كبيرهم الذي تعد فتنته أكبر فتنة في التاريخ. وهو كذلك، ما دام أن هذه الفئة من الناس الذين يمارسون الدجل لا يملكون عشر معشار ما يمكله الدجال الأعور استطاعوا أن يفتنوا الناس عن دينهم ويجعلونهم يكفرون بالإسلام وشرائعه، ويغيرون قناعات الكثير من الجهلة والمفتونين، فقط بابتكارات علمية يسر الله أمرها على يد فئة من خلقه فجعلهم الناس في مصاف الخالق، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
أحد الإخوة ناقش رجلا ممن ينكر خروج الدجال وما ملكه الله إياه من وسائل الفتن والتغرير، فصادف ذلك أن كان أحد المهرجانات قائما، وفي المساء خرجت المدينة عن بكرة أبيها -إلا من رحم الله أو عجز عن الخروج- من النساء والرجال والأطفال وأسر بكاملها يخطون زرافات ووحدانا نحو المنصة من كل حدب وصوب، فرأى الأخ هذا المنظر فاتصل بالذي كان ينكر الدجال ليقول له تعال وانظر كيف يمم أكثر الناس نحو فنان لا يملك إلا صوتا ومنصة صابرين على الجوع والبرد وألم الوقوف وطول الطريق، فكيف لو خرج الدجال ومعه من المبهرات والخوارق ما يمكنه من جعل الخربة مروجا، والمروج خربا، ويميت الرجل ويحيه أمام الأنظار، ويقول للسماء أمطري فتمطر وللأرض أخرجي كنوزك فتخرج، وغير هذا مما يجعل الضعيف والمستكين يتبعه مغمض العينين كيف وهو قد أغواه من هو دون الدجال الأعور بكثير وكثير.
ومن العجيب أن تكون النساء أكثر من يتبع الدجال حين يخرج كما في الحديث الذي رواه أحمد في مسنده وصححه الشيخ شاكر، وها هن قبل خروجه نجدهن أكثر من يؤثر فيه دجل الصغار وكذبهم اليوم، فمن يصدق أكثر دعوات تحرير المرأة وتمكينها من حقوقها الكونية من عري وسفور وعلاقات غير شرعية وتمرد على الدين والأعراف والتقاليد؟
أو ليس كل تركيز هؤلاء الدجاجلة الهواة من أباطرة الموضة ودور الأزياء وشركات الإشهار وجمعيات الارتزاق… إلا على المرأة لسرعة تصديقها واغترارها؟! أليس الواقع خير شاهد و أكبر برهان؟! بلى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *