العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام تأليف: مصطفى باحو نشر: المكتبة الإسلامية- القاهرة الطبعة: الأولى/1433هـ، 2012م عدد الصفحات: 400 صفحة

الكتاب الذي بين أيدينا هو الكتاب الثاني للمؤلف في ذات الموضوع، فقد جاء كتابه الأول تحت عنوان: “العلمانية: المفهوم والمظاهر والأسباب”، أما الكتاب الذي بين أيدينا، والذي جاء تحت عنوان “العلمانيون العرب وموقفهم من الإسلام”، فقد خصصه المؤلف للحديث عن حقيقة نظرة العلمانيين للإسلام وموقفهم منه، بعيدا عن التمويه الأيدلوجي والتزييف الإعلامي الذي يمارسه الخطاب العلماني.
وقد بين فيه أن الموقف العلماني من الإسلام مضمر برؤية استشرافية دونية، فهو في نظرهم يقوم على أسس خرافية أسطورية لا عقلانية، وأن الإسلام دين البداوة والخيمة والقبيلة، وبالتالي لم يعد صالحا لمجتمعات الطاقة النووية والخلايا الجذعية والانترنت.
وأشار الكاتب إلى أن نظرتهم تلك تنطلق من أساس دهري، وهو أن الإسلام دين بشري، أو لنقل: محمدي، ويتغافلون عن كون صاحب الشرع هو من يعلم الطاقة النووية والخلايا الجذعية وغيرها، فالله شرع شرعا مع علمه بمتغيرات الأحوال والأزمان والأماكن، شرعا صالحا لحضارة الجمل وحضارة الإنترنت، وهو الذي خلق الإنسان ويعلم ما يصلح له وما لا يصلح.
وهدف الكتاب كما يذكر المؤلف هو تعرية تلك الأقنعة، وهتك تلك الأستار التي يتمترس خلفها الخطاب العلماني، وتفكيكها وطحنها وسحقها إلى الأبد…
المقدمة: تناول فيها عدة موضوعات منها: الحديث عن مناقضة العلمانية لشريعة الإسلام، واستحالة التعايش بينهما، أو وجود أحدهما مع وجود الآخر، وعرض كذلك لمُسلَّمة تقضي باستحالة اجتثاث الدين من المجتمع بأي وسيلة كانت.
فبين أنه برغم الهجمة الشرسة للعلمانية على الدين، ورغم كونها مدججة بقوة الدولة وجبروتها، ورغم تسخيرها كافة الوسائل الأمنية والإعلامية والثقافية لتحقيق ذلك، لم تفلح في استئصال الدين من المجتمعات…
العلمانية ومحاربة التدين:
بين المؤلف أن العلمانيين يلجأوون إلى تأسيس خطاب خداعي تمويهي مخاتلٍ ومراوغٍ لموقفه من الدين، فيخفي ذِئْبِيَّتَهُ تحت ستار الحمل الوديع، وقد يتمسح بعضهم بالدين، وربما يعلن أنه مسلم، يسره ما يسرنا ويحزنه ما يحزننا، ويتظاهر بالحرص على إبعاد الدين عن مجال السياسة، لكي لا يتلوث -وهو الطاهر النقي- بحممها الملتهبة وتقلباتها المتناقضة، محاولا تجميل صورته وتلميعها، ويناور ليرضي قارئه المسلم، غير أن الناظر بتعمق لتصرفاتهم وأطروحاتهم يتبين له أنهم يقفون من الدين موقف المعاند والمحارب له.. وقد دلل الكاتب خلال هذه الجزئية على هذا الأمر وكشف حقيقة زعم هؤلاء، وأنهم مناقضون لأصول الدين وفروعه..
أصل الدين والإسلام:
تحدث المؤلف في هذه الجزئية عن نظرة العلمانيين بصفة عامة والعرب منهم بصفة خاصة لمسألة الدين وأصل نشوئه، فبين أن علماء الاجتماع الغربيين قد أجمعوا على أن الأديان صنع بشري محض… بدأ أولا في شكل أساطير أملاها الخوف من القوى المجهولة والظواهر الطبيعية الكبيرة، ثم تطور الأمر إلى تعدد الآلهة…فعند فرويد الأديان مجرد وهم من أوهام الجماهير..وعند ماركس الدين مجرد أوهام وخيالات..
العقائد الإسلامية:
تحدث الكاتب تحت هذا العنوان عن جملة من النصوص لأصحاب الفكر العلماني، والتي تكذب أو تسخر من العقائد المجمع عليها، ثم خص بالذكر مجموعة من العقائد القطعية الثابتة كوجود الله والملائكة ورسله واليوم الآخر وغير ذلك…
القرآن الكريم:
أشار الكاتب إلى أن أطروحة العلمانيين حول القرآن الكريم تدور على ما يلي:
1- القرآن ليس إلهي المنشأ، بل هو بشري المصدر..
2- كل الدلائل تدل على تاريخية القرآن؛ أي: كونه إفرازا ثقافيا لمرحلة معينة انتهت وانقضت..
3- يقدم القرآن خطابا أسطوريا خرافيا..
4- المعلومات التاريخية القرآنية غير دقيقة ويجب مناقشتها على ضوء المعارف التاريخية الأخرى، وكثير منها وخصوصا قصص الأنبياء ليست وقائع تاريخية حدثت، بل كلها مجاز وضرب أمثلة..
5- وقع في القرآن زيادة ونقص من قبل جماعات لها مصالح معينة، بل هناك شك في ثبوت القرآن..
هذا فضلا عن طعون أخرى كثيرة وجهها العلمانيون العرب لكتاب الله تعالى..

السنة:
فيما يخص السنة النبوية أشار الكاتب إلى أن العلمانيين لا يعبئون بالسنة ولا يقيمون لها وزنا، ولا يلتفتون إليها ويشككون في نسبتها للنبي صلى الله عليه وسلم بما فيها أحاديث الصحيحين، وأنهم لم يهتموا ويعتنوا سوى بالأحاديث التي توافق هوى عندهم، وتخدم مشروعهم العلماني، كمثل حديث “أنتم أعلم بأمور دنياكم”، لهذا الأمر لم يكثر الكاتب من الشواهد في هذه الجزئية واكتفى بالقليل منها..
العبادات، المعاملات، الأخلاق:
بين الكاتب أن موقف العلمانيين من العبادات لم يختلف كثيرا عن المواقف السابقة، حيث قرر غالبيتهم أن فرض العبادات كان استجابة للبيئة الحجازية البسيطة ولم يعد ذلك صالحا لهذا العصر..
وفيما يخص جانب المعاملات بين المؤلف أن مجمل مواقف العلمانيين من أحكام المعاملات الشرعية تدور على الاستهزاء والتحقير تارة، والدعوة إلى التجاوز تارة أخرى..
أما الأخلاق فبين الكاتب أن العلمانية تنظر لها كقيم نسبية تتغير بتغير عصر إلى عصر، ومن مكان إلى مكان، وأن القيم الدينية يجب تجاوزها بل هي أصبحت بالية، ويجب فصل الدين عن المنظومة الأخلاقية، فأخلاق كل زمان بحسبه…
وشهد شاهد من أهلها:
جمع فيه المؤلف بعض المواقف والتصريحات التي يهاجم فيها العلمانيون بعضهم بعضا، أو ما يمكن أن نسميه نقد العلماني للعلماني، مما يجلي بوضوح اضطراب المفاهيم العلمانية وتناقضها وتعارضها حتى بين حملتها ودعاتها..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *