العفة في السنة النبوية

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف”. الترمذي والنسائي وغيرهما.
أي العفة من الزنا. قال الطيبي: إنما آثر هذه الصيغة إيذانًا بأن هذه الأمور من الأمور الشاقة التي تفضح الإنسان وتقصم ظهره، لولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها. وأصعبها العفاف لأنه قمع الشهوة الجبلية المركوزة فيه، وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين، فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. تحفة الأحوذي 5/296.
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اضمنوا لي ستًا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم”. رواه أحمد والحاكم وابن حبان وغيرهم.
قال ابن عبد البر في شرحه لهذا الحديث: (اضمنوا لي ستًا: من الخصال (من أنفسكم) بأن تداوموا على فعلها( أضمن لكم الجنة) أي دخولها (اصدقوا إذا حدثتم) أي لا تكذبوا في شيء من حديثكم إلا إن ترجح على الكذب مصلحة أرجح من مصلحة الصدق في أمر مخصوص كحفظ معصوم (وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم).
قال البيهقي: ودخل فيه ما تقلد المؤمن بإيمانه من العبادات والأحكام، وما عليه من رعاية حق نفسه وزوجه وأصله وفرعه وأخيه المسلم من نصحه، وحق مملوكه أو مالكه أو موليه، فأداء الأمانة في كل ذلك واجب .
واحفظوا) أيها الرجال والنساء (فروجكم) عن فعل الحرام لثنائه تعالى على فاعليه بقوله : {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ}، (وغضوا أبصاركم) كفوها عما لا يجوز النظر إليه، (وكفوا أيديكم) امنعوها من تعاطي ما لا يجوز تعاطيه شرعًا، فلا تضربوا بها من لا يسوغ ضربه، ولا تناولوا بها مأكولا أو مشروبا حراما، ونحو ذلك، فمن فعل ذلك فقد حصل على رتبة الاستقامة المأمور بها في القرآن، وتخلقوا بأخلاق أهل الإيمان. فيض القدير للمناوي 1/683.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: “إن ناسًا من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم. حتى إذا نفد ما عنده. قال: ما يكن عندي من خير فلن أدخره عنكم. ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله. ومن يصبر يصبره الله. وما أعطي أحد من عطاء خير وأوسع من الصبر. البخاري ومسلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد: (فيه الحض على التعفف والاستغناء بالله عن عباده والتصبر، وأن ذلك أفضل ما أعطيه الإنسان، وفي هذا كله نهي عن السؤال، وأمر بالقناعة والصبر.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: “اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى”. رواه مسلم.
قال النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم: (أما العفاف والعفة؛ فهو التنزه عما لا يباح، والكف عنه، والغنى هنا غنى النفس، والاستغناء عن الناس، وعما في أيديهم).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *