عفة سالم بن عبد الله بن عمر
قال ابن عيينة: دخل هشام الكعبة، فإذا هو بسالم بن عبد الله، فقال: سلني حاجة.
قال: إني أستحيي من الله أن أسأل في بيته غيره.
فلما خرجا، قال: الآن فسلني حاجة.
فقال له سالم: من حوائج الدنيا، أم من حوائج الآخرة؟
فقال: من حوائج الدنيا.
قال: والله ما سألت الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها؟ (المجالسة وجواهر العلم للدينوري).
عفة الربيع بن خثيم رحمه الله
عن سعدان قال: أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع بن خثيم فلعلها تفتنه، وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم، فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب، وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه، ثم تعرضت له حين خرج من مسجده، فنظر إليها فراعه أمرها، فأقبلت عليه وهي سافرة، فقال لها الربيع: كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين؟ أم كيف بك لو قد ساءلك منكر ونكير؟ فصرخت صرخة فسقطت مغشيا عليها. فوالله لقد أفاقت وبلغت من عبادة ربها أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق. (صفة الصفوة لابن الجوزي 3/191).
عفة الأشرف صاحب دمشق
قال سبط الجوزي: كان الأشرف يحضر مجالسي بحران وبخلاط ودمشق، وكان ملكا عفيفا، قال لي: ما مددت عيني إلى حريم أحد، ولا ذكر ولا أنثى، جاءتني عجوز من عند بنت صاحب خلاط شاه أرمن بأن الحاجب عليا أخذ لها ضيعة، فكتبت بإطلاقها.
فقالت العجوز: تريد أن تحضر بين يديك.
فقلت: باسم الله، فجاءت بها، فلم أر أحسن من قوامها، ولا أحسن من شكلها، فخدمت، فقمت لها، وقلت: أنت في هذا البلد وأنا لا أدري؟
فسفرت عن وجه أضاءت منه الغرفة، فقلت: لا، استتري.
فقالت: مات أبي، واستولى على المدينة بكتمر، ثم أخذ الحاجب قريتي، وبقيت أعيش من عمل النقش وفي دار بالكراء.
فبكيت لها، وأمرت لها بدار وقماش، فقالت العجوز: يا خوند، ألا تحظى الليلة بك؟
فوقع في قلبي تغير الزمان وأن خلاط يملكها غيري، وتحتاج بنتي أن تقعد هذه القعدة، فقلت: معاذ الله، ما هذا من شيمتي.
فقامت الشابة باكية تقول: صان الله عواقبك. (سير أعالم النبلاء للذهبي 42/126).