بين خيار المقاومة.. وخيار الخيانة ذ. الحسن العسال

بين خيار المقاومة وخيار الخيانة مفاوز، فخيار الخيانة يمثله عباس وعرابو “أوسلو”، وأصحاب “السلام خيار استراتيجي”، وقولة “الصواريخ العبثية”، والتنسيق الأمني مع بني صهيون على حساب العزل الأبرياء من أبناء أريحا[1].
أما خيار المقاومة فيمثله كل فصائل المقاومة، الذي يعتبر الجهاد خيارا استراتيجيا، لإزاحة المحتل الغاصب عن فلسطين كلها من النهر إلى البحر، كما يمثله كل من يعتبر مؤامرتا “مدريد” و”أوسلو” خيانة للقضية الفلسطينية وامتدادا لمؤامرة وعد بلفور، الذي بموجبه نشأت اللقيطة الصهيونية من سفاح بين بريطانيا واليهود. مسترشدين بقول الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود. فيقتلهم المسلمون. حتى يختبئ اليهود من وراء الحجر والشجر. فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي. فتعال فاقتله، إلا الغرقد. فإنه من شجر اليهود”. رواه مسلم.
فوصمة العار في وجه عباس وسلطته العلمانية؛ المتمثلة في التنسيق الأمني مع بني يهود؛ تعتبر الساعد الأيمن لتنفيذ مخططات العدو في أريحا، والركن الركين في خيار الخيانة، إذ كلما “اقترب” موعد المصالحة بين بني علمان والإسلاميين، إلا وصعَّدت الأجهزة الأمنية التابعة لعبّاس حملة اعتقالاتها واستدعاءاتها في مدن وقرى أريحا المحتلة، طائلة العشرات من أطر وأنصار المقاومة الإسلامية، حيث تم خلال شهر شتنبر الماضي، اختطاف (184) مواطناً، أغلبهم من الأسرى المحرّرين! والمعتقلين السَّابقين! والطلبة الجامعيين، وأئمة المساجد وخطبائها، والناشطين الشباب في الحراك الشعبي ضد اتفاقية أوسلو ومظاهر الفساد والغلاء في أريحا .وإذا لم يختطف ويعتقل عباس وزمرته، تولى اليهود المهمة.
وإلى حد كتابة هذه السطور فقد اعتقل اليهود، بعد الهدنة[2]، 200 فلسطيني في أريحا.
ويرجع تاريخ التنسيق الأمني إلى سنة 1993م حين إرسال عرفات رسالة إلى رابين، والتي صدرت قبل توقيع اتفاق أوسلو، نصت على تعهد منظمة التحرير الفلسطينية بملاحقة “الإرهاب والإرهابيين”، وجاء اتفاق أوسلو بعد ذلك لينص على إقامة تنسيق أمني بين الفلسطينيين واليهود دون أن يتطرق إلى التفاصيل.
وأضاف الاتفاق أن العدو الغاصب مسؤول عن الأمن في الأرض المحتلة/67، مما أعطاه حق الدفاع عن هذه الأرض ضد أي عدوان خارجي، وحق العمل الأمني فيها أنى يشاء.
ومع قيام ما يسمى بالسلطة الفلسطينية عام 1994م في غزة وأريحا، قال العدو: إن توسيع الرقعة الجغرافية لعمل السلطة الفلسطينية مرتبط بأداء السلطة الأمني، ومدى قدرتها على ضبط الأمن لصالح اليهود، أي منع أعمال المقاومة ضدهم.
وفي عام 1995م أكدت اتفاقية طابا، موضحة مفهوم التنسيق الأمني، على أن السلطة الفلسطينية مسؤولة عن منع “الإرهاب والإرهابيين” واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم، أي على السلطة الفلسطينية منع المقاومة الفلسطينية. ونصت الاتفاقية أيضا على ضرورة امتناع السلطة الفلسطينية عن ملاحقة من عملوا مع اليهود، كما نصت على عدم الإضرار بمصالحهم الشخصية مثل الطرد من الوظيفة!
هكذا أصبحت الأجهزة الأمنية التابعة فيما بعد لعباس كلاب حراسة تسهر على أمن اليهود، بل وتحمي العملاء والخونة.
ولأن الخيانة[3] لا حدود لها فإن عباسا يوم 26 يناير 1911م اعترف بأنه يعيش تحت أحذية اليهود، وأنه تعلم بأن الانتفاضة المسلحة التي قامت بين 2000 و2004-2005 هي التي دمرت الفلسطينيين، وأقر بأنه ضد الانتفاضة المسلحة، وتبجح بأنه رشح نفسه لرئاسة ما يسمى بالسلطة على هذا الأساس.
وفي نفس السياق اعتبر صواريخ المقاومة عبثية، لأنه لا يؤمن إلا بسياسة الرضوخ والخنوع والركوع، فهو يستجدي المفاوضات في كل لحظة وحين، كي يظهر أمام شاشات الرائي، لأنه بدون هذا الظهور يحس بالاختناق، أما القضية الفلسطينية فهي وسيلة ليس إلا.
وحتى ينجز الظهور والخيانة معا، فقد أعلن أنه سيذهب للأمم المتحدة “ليرفع” تمثيلية المنظمة إلى صفة مراقب، بشرطين: الأول خارجي، يتمثل في إلزام “المنتظم الدولي له” “بحل الدولتين الذي يقضي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش في سلام إلى جوار كيان العدو”. والشرط الثاني ذاتي، يتمثل في إلزامه نفسه، بالذهاب إلى المفاوضات مباشرة، إذا تم الاقتراع لصالح طلبه في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحتى تحبك المؤامرة جيدا ضد القضية الفلسطينية، فقد تم تكبيل زعماء المفاوضات بفضائح جنسية، حتى إن تابوا عن بيع فلسطين تم ابتزازهم بها، وكان من آخرها أن تسيبي ليفني اعترفت بأنها اقترفت فاحشة الزنا مع كبير المفاوضين[4] صائب عريقات، ومع ياسر عبد ربه، بعدما استفتت الحاخام الأكبر في دولة العدو، فأفتاها بأنه «يحق لها أن تنام مع الغرباء، وتمارس الجنس، شرط أن يخدم ذلك دولتها».
أما الصواريخ التي يعتبرها عباس عبثية، فقد زلزلت أمن أسياده الذين يعيش تحت أحذيتهم! فوصلت إلى تل الربيع[5]، دون إعلان مسبق ودون تهديد فارغ، كالذي تفوه به زعيم حزب الرافضة في لبنان ولم يفعل شيئا، وكتهديدات أحمدي نجاد الجوفاء التي لم ينفذ منها حرفا.
إن الصواريخ العبثية قد طالت القدس، ومدينة عتصيون جنوبي القدس، وبئر السبع، كما دوت صفارات الإنذار في حولون رخوفوت، وأسدود، ويافا، وأشكول، وكريات ملاخي، وهلم جرا. فبلغت قلوب اليهود الحناجر من الهلع، وما عادوا يحسون بالأمان الأسطوري الذي نشأوا عليه.
إن الصواريخ العبثية قد أسقطت طائرة تجسس، وأصابت طائرة “فاء 16”.
إن الصواريخ العبثية! لم تمنعها القبة الحديدية من السقوط، وإثارة الرعب بين قطعان المغتصبين، الذين سيصدرون قانونا لمنع حكام كرة القدم من استعمال صفاراتهم، لأنها ستذكرهم بصفارات الإنذار التي تعلن عن هطول صواريخ المقاومة.
إن الصواريخ العبثية! قد كذبت أسطورة جيش اليهود الذي لا يقهر، وعرت حقيقة “تفوق” هذا الجيش، الذي لو خاض معركة متوازنة، لانقسم شطرين: بين قتيل وأسير. لأن “قوته” المزعومة، ليست في ترسانته الضخمة والمتطورة، ولا في “شجاعة” جنوده التي لا يعرف لها التاريخ سجلا، بل في تكالب العالم على حماية أمنه، بجعل دول الطوق حارسة لحدوده عوض مقاومته، ونزع سلاحها، وإخراج قوانين تجرم كل من يفكر في حمل السلاح ضد المغتصب الغاشم.
ثم إن الصواريخ العبثية قد أجبرت نتنياهو وليبرمان على توقيع هدنة تحت شروط المقاومة، ما كان يحلم بها المتحمسون للمفاوضات الخائنة، هذه الهدنة التي نصت لأول مرة على:
أن يقوم اليهود بوقف كل الأعمال العدائية على قطاع غزة برًا وبحرًا وجوًا، بما في ذلك الاجتياحات، وعمليات استهداف الأشخاص، وفتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان أو استهدافهم في المناطق الحدودية.
وكان فيما قبل يفرض العدو شروطه، وإبان هذه الحرب الأخيرة، بدأ زعماء العدو يشترطون نزع سلاح المقاومة مقابل الهدنة، لكن هيهات هيهات، فمصر مرسي غير مصر مبارك، والمقاومة قبل الربيع العربي غير المقاومة بعده.
ــــــــــــــــــــ
[1] أريحا (Jericho) هي مدينة فلسطينية تاريخية قديمة تقع على الضفة الغربية لنهر الأردن وعند شمال البحر الميت. ويصفها البغدادي في معجم البلدان بالقول: أريحا بالفتح ثم الكسر وياء ساكنة والحاء المهملة أو بالحاء المعجمة، وهي مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن والشام، سميت بأريحا نسبة إلى أريحا بن مالك بن أرنخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وهذا يدل على أن أصل التسمية سامي الأصل.
[2] وإلى الذين يرحبون بكل دخيل، ويعتبرون رفض المصطلحات تخلفا وتطرفا، نحيلهم على موقف اللقيطة الصهيونية من مصطلح الهدنة، الذي ترفضه رفضا باتا لكونه مصطلحا شرعيا، مقابل تشبثها بمصطلح التهدئة.
[3] ومن أراد الاستزادة من صور الخيانة، فليدخل إلى موقع:http://www.waraqat.net/816 ليرى رموز ما يسمى بالسلطة الفلسطينية (عباس ودحلان وغيرهما) في جلسات حميمية مع زعماء الإرهاب اليهودي.
[4] ألقاب مملكة في غير موضعها***تحكي انتفاخا صولة الأسد
[5] تل الربيع هي مدينة فلسطينية، سماها اليهود تل أبيب بعد احتلال يافا، وتهجير معظم أهلها وضمها عام 1949.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *