أبو عبد الله ابن أبي زَمَنِين (324-399هـ)

الإمام المالكي القدوة الزاهد، أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد، المري الأندلسي الإلبيري، شيخ قرطبة .
ولد ابن أبي زمنين سنة 324 هـ في إلبيرة احدى مدن الأندلس، رحل إلى قرطبة وسكنها مدة من الزمن، ثم انتقل إلى إلبيرة بعد سنة 395 هـ وسكنها إلى أن توفي، قال عنه أبو عمرو الداني: كان ذا حفظ للمسائل، حسن التصنيف للفقه، وله كتب كثيرة ألفها في الوثائق والزهد والمواعظ منها شيء كثير، وولع الناس بها وانتشرت في البلدان يقرض الشعر ويجيد صوغه، وكان كثيرا ما يدخل أشعاره في تواليفه فيحسنها بها، وكان له حظ وافر من علم العربية، مع حسن هدى واستقامة طريق وظهور نسك، وصدق لهجة، وطيب أخلاق، وترك للدنيا، وإقبال على العبادة، وعمل للآخرة، ومجانبة للسلطان وكان من الورعين البكائيين الخاشعين .
شيوخه وتلامذته
أخذ عن أبيه عبد الله بن عيسى وأحمد بن حزم وأحمد بن شامة وإسحاق بن إبراهيم الطليطلي وأحمد بن مطرف، وغيرهم، وأخذ عنه أبو عبد الله بن عوف الفقيه، أبو عمر بن الحذاء، أبو زكريا القليعي، ابن سعيد المقرئ، أبو عمرو الداني، محمد بن عبد الله الخولاني وغيرهم.
تواليفه
له كتب كثيرة في الفقه والمواعظ، منها (أصول السنة)، و(منتخب الأحكام)، و(تفسير القرآن) اختصره من تفسير يحيى بن سلام التيمي، و(المغرب) في اختصار المدونة وشرح مشكلها، و(حياة القلوب) زهد، و(النصائح المنظومة) شعره، و(آداب الإسلام)، و(المهذب) في اختصار شرح ابن مزين للموطأ، و(المشتمل في علم الوثائق).
مواقفه
ليس هناك أدل من سلفية عقيدة ابن أبي زمنين من كتابه (أصول السنة) فهو يقرر معتقد السلف في الأبواب التي تكلم عنها؛ زيادة على ذلك قال الصفدي فيه: مقتفيا السلف.
قال رحمه الله: اعلم رحمك الله أن السنة دليل القرآن، وأنها لا تدرك بالقياس ولا تؤخذ بالعقول، وإنما هي في الاتباع للأئمة ولما مشى عليه جمهور هذه الأمة، وقد ذكر الله عز وجل أقواما أحسن الثناء عليهم فقال: {فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ}، وأمر عباده فقال: {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.اهـ
قال ابن عفيف: “كان من كبار المحدثين والفقهاء الراسخين في العلم”.
قال ابن مفرج: “كان من أجلّ أهل وقته حفظاً للرأي ومعرفة بالحديث، واختلاف العلماء، وافتناناً في الأدب والأخبار، وقرض الشعر، إلى زهد وورع واقتفاء لآثار السلف، وكثرة العمل والبكاء والصدقة والمواساة بماله وبجاهه. وبيان ولهجة، وما رأيت قبله ولا بعده مثله”.
قال الخولاني: “كان رجلاً زاهداً صالحاً من أهل الحفظ والعلم. آخذاً في المسائل، قائماً بها، متقشفاً واعظاً له أشعار حسان في الزهد والحكم، له رواية واسعة. وكان حسن التأليف، مليح التصنيف، مفيد الكتب في كل فن، ككتابه “المغرب” في اختصار المدونة وشرح مشكلها، والتفقه في نكت منها ليس في مختصراتها مثله باتفاق”.
وقال عنه أيضا: “كان رجلاً، صالحاً، زاهداً من أهل العلم، نافذاً في المسائل، قائماً بها له مختصر في المدونة: المقرب بسط مسائله وقربها، متقشفاً واعظاً، وله أشعارٌ حسان في الزهد والحكم، وتواليف حسان منها حياة القلوب، وأنس المريد وشبه ذلك نفعه الله بها، وكان مع علمه وزهده من أهل السنة متبعاً لها”.
وفاته
توفي رحمه الله سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، بالألبيرة ودفن فيها، وبعضهم قال: توفي سنة أبعمائة أو ما قبلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *