لدينا إذن طلب التنصيص في الدستور المتوقع تعديله على فعل المثليين، الذي ينتظر خروجه من السر إلى العلن، جنبا إلى جنب مع التنصيص على فعل المثليات، والمطالبين بالإفطار أمام الملإ في رمضان، والمطالبين دستوريا وقانونيا بترك الحرية التامة لمن يختارون دينا آخر غير الإسلام، إضافة إلى المطالبين بحقوق المرأة في بيع جسدها بالكيفية التي تريد، وبالسعر الذي ترتضيه، تماما كمن يتصرف في بضاعة تعود ملكيتها إليه وحده بحيث تصبح الأجساد الآدمية المفعول بها على الخصوص مجرد مزابل مشتركة لا أقل ولا أكثر!
هذه المطالب، أو هذه الحقوق المهضومة التي تحول الدولة والأحزاب المؤطرة للجماهير دون تمكن أصحابها من التمتع بها، لم تنفرد الرويسي والرياضي بالإصرار على السعي إلى تحقيقها، فإلى جانبهما مناضلون آخرون على نفس الخط!
فقد “دعت فعاليات حقوقية مغربية إلى إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي ينص على معاقبة جريمة الفساد، وإقامة علاقة جنسية بين رجل وامرأة، لا تربط بينهما علاقة الزوجية، مطالبين بضمان ممارسة الحرية الجنسية بينهما متى بلغا سن الرشد القانوني. بشرط أن يكون من خلال التراضي بينهما. ودون إكراه أو إجبار على ذلك”!
ويعتبر عدم السماح بما تطالب به هذه الفعاليات أوضح مؤشر على تخلف الأمة المغربية، تخلفا جعلها متشبثة بذيل الرجعية الذي يعود بها قرونا تلو أخرى إلى الوراء الظلامي الحالك!
ويقول أحمد عصيد: “ليس مسموحا لأي كان بأن يعيد بلدا ما إلى الوراء كي يظل دون مستوى الإنسانية، أي دون مستوى ما بلغته الحضارة البشرية. هذا ظلم. أن تنعم شعوب ما بهذه الحقوق وبهذه الحريات كآخر ما بلغته الحضارة، وأن نجعل شعوبا أخرى تعيش الماضي بدعوى الخصوصية. هذه هي الخصوصية المغلقة”.
وينسى عصيد، وهو -كما انتهى إلى علمنا- واحد من مدرسي مادة الفلسفة ببلدنا، أن إعادة شعب ما إلى الوراء عملية -فلسفيا- لا يمكن تصورها؟
وإلا فهل يمكننا أن نسبح “في النهر مرتين”؟ أي أننا لا نستطيع أن نجعلها تعيش الماضي بكل ما له وبكل ما عليه!
كما أن عصيد المتفلسف -إن صح التعبير- لا ينبغي أن ينسى كيف أن الدعوة والنضال المستميت لأجل تحرير العقول من الوهم والخرافة يسبق دعوة الجماهير إلى الإقدام العلني على ممارسة مقترحات لها بالجنس، وبالجنس وحده صلة! والحال أنه لا تقدم في أي مجال؛ والفكر الظلامي بكل أنواعه وألوانه وأشكاله جاثم على صدور النساء والرجال! ممثلا في جبروت الأحزاب وطغيان الأنظمة الديكتاتورية! أو ممثلا في القبورية والطرقية كتصور للدين الذي تواطأت الدولة عندنا بخصوصه مع الأمريالية العالمية، وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية! إمعانا في الرجوع بنا إلى الوراء التاريخي المظلم!
بينما الترخيص بـ”الإدخال والإخراج” لم يكن في يوم ما عبر تاريخ البشرية مطلبا جماعيا أو فرديا للممارسين، كي يخصص له بند من البنود في هذا القانون أو ذاك. فكل شيء كان يجري ما أمكن في السر أو حتى في العلن! سميناه اتصالا جنسيا خارج إطار الزوجية، أو سميناه سحاقا بين امرأة وامرأة. أو سميناه “التلوط بين رجل ورجل”!
فكل مثقف قديما وحديثا في الأغلب الأعم، يعرف “الروض العاطر في نزهة الخاطر”! كما يعرف كتاب “الإيضاح في علم النكاح” لنفس العالم العلامة الشيخ سيدي محمد النفزاوي، لكن الرجل العلامة، لم يدع السلطات على عهده إلى السماح بالممارسة العلنية للجنس، لأنه حريص على أن لا ينزل الإنسان إلى مستوى الدواب العجماء! وألا يصل به سعيه وراء طلب “اللذة الكبرى” إلى العري التام في الأزقة والدروب! (وهذه حريته وهذا حقه)! بل إلى ممارسة الجنس مع امرأة يعشقها أمام الملإ. كما تمارس بقية الحيوانات الجنس أمام جماعة من أشباهها. ما دامت متحررة من القيود القانونية ومن الأحكام الشرعية الدينية. هذه التي لم يجرؤ النفزاوي على المطالبة بإلغائها لفتح المجال أمام أنصار الرويسي والرياضي وعصيد ومن هم على سيرة هذا الثالوث المناضل لأجل بناء مجتمع تقدمي معاصر متحرر!
والحال أن العلامة النفزاوي واصف لا مصلح اجتماعي. إنه قام بنفس الدور الذي قامت به وتقوم به مجموعة من المجلات والصحف الوطنية في الوقت الراهن. إنها تصف الظاهرة بالكتابة والصورة، وتركت دور الإصلاح لمن لهم القدرة عليه! وبالتالي لمن لهم مؤهلات إنجازه في ميدان يختلط فيه الحابل بالنابل! أما أن يتصدى للإصلاح بالمقلوب من لا يقدرون العواقب، فمجازفة من نتائجها نشر المفاسد في مجتمع، أبناؤه ينتظرون من يحررهم من فكر تجاوزته أحوالهم المادية والمعنوية بعقود تلو عقود. فكلهم على علم بالجنس، وبكيفيات ممارسته، لأنهم بشر، ولا داعي لمن يذكرهم بأنهم أحرار في ممارسته! حتى وسائل الإيضاح أصبحت متوفرة لدى أغلبيتهم بالصوت والصورة!!!