في زيارتي لمدينة مكناسة الزيتونة التقيت بالعالمة الفقيهة الحاجة بهية الفلالية وجمعني بها مجلس علم ومذاكرة وحديث عن سيرتها وحياتها العلمية فاستغربت أن يوجد في بلدنا مثل هذه المرأة الفاضلة ولا يعرفها كثير من الناس فأحببت أن أنقل ما سمعته منها من ترجمتها وفاء بحقها وتعريفا بجليل قدرها.
اسمها: هي العالمة الجليلة والمسندة الفقيهة الحاجة بهية بنت هاشم القطبي الفلالية المكناسية.
ولادتها: ولدت في عام 1326هـ الموافق لليوم العاشر من الشهر الثامن (غشت) سنة 1908م بمدينة مكناس.
طلبها للعلم: التحقت بحلق حفظ القران الكريم بالجامع الكبير وهي في سن مبكرة، وختمت حفظه وعمرها أربع عشرة سنة، واجتازت امتحان القرآن على يد القاضي محمد بن أحمد الاسماعيلي العلوي، ثم التحقت بحلق العلم الموجودة حينها بالجامع الكبير وأخذت عن كبار العلماء به.
ثم أدت فريضة الحج وعمرها ثمانية عشرة سنة ولقيت بعض علماء الحجاز، ثم رحلت إلى تونس عام 1374هـ الموافق لعام 1955م في بعثة طلابية -وكانت المرأة الوحيدة بها- والتحقت بجامع الزيتونة وأخذت عن كبار العلماء والمسندين به، ومكثت هنالك خمس سنوات وحصلت بها على شهادة علمية، وطلبوا منها المكوث في تونس لكنها أبت وفضلت الرجوع إلى بلدها.
شيوخها :
بالنسبة لشيوخها في المغرب فهم:
– الحاج محمد السوسي درست عليه التفسير والبخاري ولم تتمه عليه.
– الفقيه الحاج بن عيسى الخلطي أتمت عليه صحيح البخاري.
– الفقيه الزريهني درست عليه صحيح مسلم وعلم أصول الفقه.
– السيد أحمد بن الصديق المكناسي درست عليه النحو في الأجرومية.
– مولاي الطيب الحريف درست عليه النحو في ألفية ابن مالك والفقه في رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
– مولاي عبد الله جمعان درست عليه في الفقه متن ابن عاشر.
– الفقيه محمد العرايشي درست عليه الفقه في مختصر خليل.
– مولاي الشريف بن علي العلوي درست عليه القراءات والموطأ.
– السيد عبد الهادي المنوني درست علم علوم الحديث.
– الفقيه المختار السنتيسي درست عليه التفسير.
– العلامة عبد الحفيظ الفاسي الفهري.
– العلامة تقي الدين الهلالي درست عليه في التوحيد وحضرت دروسه بالجامع الكبير.
أما بالنسبة لشيوخها في تونس:
– العلامة الطاهر بن عاشور درست عليه في البلاغة والتفسير وأجازها بمروياته.
– العلامة الفاضل بن عاشور درست عليه النحو والبلاغة.
– العلامة ابن خوجة درست عليه علوم الحديث.
– العلامة محمد العزيز جعيـط درست عليه تاريخ الإسلام.
– العلامة محمد الخضر حسين.
تلامذتها:
كانت تلقي دروسا للنساء في الجامع الكبير بمكناس وممن درس عليها الشيخ يحي الغوثاني في الموطأ وأجازته كما أجازت بعض إخواننا الفضلاء من أهل المشرق والمغرب.
عقيدتها:
للحاجة بهية عقيدة التوحيد الصافية، فقد كانت تحضر دروس العلامة تقي الدين الهلالي وأثنت عليه خيرا ونوهت بجهوده في مكناس لنشر عقيدة التوحيد وطمس معالم الشرك.
عبادتها وأخلاقها:
رغم تقدم السن بالحاجة بهية إلا أنها لاتزال تحافظ على الصلوات بالمسجد، كما أنها دائمة الصيام للنوافل من الإثنين والخميس وغيرها، وهي كثيرة الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دائمة البشاشة محبة لطلبة العلم، تنشط لمذاكرته كأنها ابنة العشرين، عفيفة متقللة من الدنيا، كثيرة اللهج بذكر الأخرة.
وهي الآن ضريرة لم تتزوج وتعيش مع أخت لها بمدينة مكناس وقد اعتلتها بعض العلل نتيجة للكبر في السن.
فمثلها من النساء هن اللاواتي يحتجن إلى التعريف والإكرام والإظهار والتقديم.
هن النساء وعيب أن يقال لمن لم يكن مثلهن نساء
فهي بحق مفخرة لهذه البلاد وشرف لهذا الوطن أن يكون فيه مثل هؤلاء النساء الكريمات
لو كانت النساء كمن ذكرنا لفُضلت النساء على الرجالِ
فما التأنيث لاسم الشمس عيب وما التذكير فخر للهلال