“إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة” اسم الله السميع الحلقة ……….. ناصر عبد الغفور

مع اسم آخر من أسماء الله تعالى في هذه السلسلة المباركة…
مع اسم لو آمنا به حق الإيمان لقل كلامنا إلا فيما ينفع ولما فشا فينا القيل والقال والنميمة والغيبة والكذب في الأقوال، إنه اسم السميع.
وسيرا على الخطة التي رسمتها في هذه السلسلة أبدأ بذكر بعض النصوص الدالة على هذا الاسم المبارك لأثني بذكر معناه في اللغة وفي حق البارئ سبحانه، ثم أقف وقفة متأنية مع آثار الإيمان بهذا الاسم، وأعتذر للإخوة القراء عن الإطالة شيئا ما فيما يتعلق بمسألة الآثار، ولعل عذري يقبل حينما نعلم أن الوقوف على هذه الآثار لمحاولة تحققها في كل فرد منا هو مربط الفرس وهو الغاية العظمى والفائدة القصوى من الإيمان بكل اسم من أسماء الله جل في علاه.
ورود اسم السميع في الكتاب والسنة:
ورد هذا الاسم المبارك في خمسة وأربعين موضعا من القرآن الكريم، منها:
– قول الله تعالى: “وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (البقرة:244).
– “قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ” (المائدة:76).
– “وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (الأعراف:200).
– “اللّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ” (الحج:75).
– “وَإِنِ اهْتَدَيْت فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيع قَرِيب” (سبأ:50).
– “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (الشورى:11).
كما ورد اسم الله السميع في عدة أحاديث، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
– حديث عثمان رضي الله عنه يرفعه: “ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء” 1..، وفي رواية: “من قال حين يمسي: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم يصبه فجأة بلاء حتى يمسي” (صحيح الجامع:6426).
– وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، ثم يقول: لا إله إلا الله ثلاثا، ثم يقول: الله أكبر كبيرا ثلاثا، أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ثم يقرأ” 2.
– وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ولا نعلو شرفا ولا نهبط في واد إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، فدنا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا،- إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته- ثم قال: يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة هي من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله” (متفق عليه).

المعنى اللغوي:
يقول ابن منظور في اللسان: السمع حس الأذن، وفي التنزيل “أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ”..، وقد سَمِعَه سَمْعاً وسِمْعاً وسَماعاً وسَماعةً وسَماعِيةً، قال اللحياني: وقال بعضهم السمع -بالفتح- المصدر، والسمع -بالكسر- الاسم، والسمع أيضا الأذن والجمع أسماع.. وقوله تعالى: “إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا”، أي ما تسمع إلا من يؤمن بها وأراد بالإسماع هنا القبول والعمل بما يسمع.. وسَمَّعَه الصوت وأَسمَعه اسْتَمَعَ له، وتسَمَّع إِليه أَصْغى، فإِذا أَدْغَمْت قلت اسَّمَّعَ إِليه وقرئ “لا يَسَّمَّعون إِلى الملإِ الأَعلى”، يقال تَسَمَّعت إِليه وسَمِعْتُ إِليه وسَمِعْتُ له كله بمعنى، لأنه تعالى قال: “لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ”، وقرئ : “لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى”.. والسامعة الأذن.. وأُذن سَمْعةٌ وسَمَعَةٌ وسَمِعةٌ وسَمِيعةٌ وسامِعةٌ وسَمّاعةٌ وسَمُوعةٌ، والسَّمِيع المَسْمُوعُ أَيضاً، والسَّمْعُ ما وَقَر في الأُذن من شيء تسمعه، ويقال ساءَ سَمْعاً فأَساءَ إِجابةً أَي لم يَسْمَعْ حسَناً، ورجل سَمّاعٌ إِذا كان كثير الاستماع لما يُقال ويُنْطَقُ به، قال الله عز وجل: “سَمَّاعُونَ للكَذِبِ” 3.
——————-
1- رواه الإمام الترمذي وابن ماجة و الحاكم وصححه العلامة الألباني في صحيح الجامع تحت رقم:5745.
2- رواه الإمام أبو داود في صحيحه: باب من رأى الاستفتاح بـ”سبحانك اللهم وبحمدك”، وهو في صحيح أبي داود تحت رقم:748.
3- لسان العرب: مادة سمع:8/162.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *