في يوم السبت 16 شعبان 1435/14 يونيو 2014 ومباشرة بعد صلاة الظهر بمسجد الصيدلاني عبد الحكيم جديرة بحي الرياض؛ أقيمت صلاة الجنازة على الفقيد المفكر المهدي المنجرة؛ ثم حمل إلى مقبرة سيدي مسعود القريبة من المسجد؛ في موكب جنائزي مهيب.
وقد شيع الجنازة جمع غفير من الأهل والأصدقاء والسياسيين والمفكرين والأدباء والإعلاميين، كان على رأسهم رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، والوزيران مصطفى الرميد والحسن الداودي؛ والمستشار عباس الجراري، ومحمد اليازغي، وإبراهيم الطالب، ومولاي عمر بنحماد، ومحمد السالمي، وعدد من الباحثين والدارسين..
وقد توفي الفقيد المهدي المنجرة يوم الجمعة 15 شعبان 1435/13 يونيو 2014 بعد معاناة طويلة مع المرض عن سن يناهز 81 سنة (1933-2014)، وتلقت أسرته رسالة تعزية من الملك محمد السادس.
وفي تصريح لجريدة «السبيل» قال وزير التعليم العالي والبحث العلمي الحسن الداودي: “المهدي المنجرة؛ هو رجل وطني، رجل علم، رجل نزاهة، رجل حرية في الفكر، رجل رفع علم المغرب في منابر عالمية.. وأسدى لبلده خدمات كثيرة، السؤال: هل استفدنا من فكر المنجرة؟ هل استفاد منه طرف آخر؟ أظن الآخرين استفادوا منه أكثر مما استفدنا منه نحن؛ وأتمنى أن ينتشر فكره عند الشباب؛ لأن الشباب أكثرهم لا يعرفون المنجرة، وأظن أن هذا الحدث الأليم سيعرف المنجرة عند الشباب أكثر، فرحمه الله”.
وحسب قصاصة لـ”وكالة المغرب العربي للأنباء”؛ فقد ازداد المفكر وعالم المستقبليات المهدي المنجرة، الذي وافته المنية اليوم الجمعة بعد مصارعته المرض لسنوات، في 1933 بالرباط، وتابع دراسته بالولايات المتحدة الأمريكية والتحق بجامعة كورنيل بنيويورك ما بين 1950 و1954 حيث حصل على شهادة الإجازة في العلوم السياسية.
وانتقل بعد ذلك إلى مدرسة لندن للاقتصاديات والعلوم السياسية التابعة لجامعة لندن ما بين 1954 و1957، حيث حصل على الدكتوراه في العلوم الاقتصادية والعلاقات الدولية، قبل أن يلتحق بجامعة محمد الخامس كأول أستاذ محاضر مغربي بكلية الحقوق.
وشغل المهدي المنجرة بعد ذلك عدة مناصب علمية دولية منها مستشار أول في الوفد الدائم للمغرب بهيئة الأمم المتحدة خلال الفترة ما بين 1958 و1959، وأستاذ محاضر وباحث بمركز الدراسات التابع لجامعة لندن (1970)، وشغل باليونسكو مناصب قيادية عديدة ما بين 1961 و1979، وشغل إلى جانب ذلك منصب منسق لمؤتمر التعاون التقني بين الدول الإفريقية (1979-1980)، وخبير خاص للأمم المتحدة للسنة الدولية للمعاقين (1980-1981)، ومستشار مدير مكتب العلاقات بين الحكومات للمعلوميات بروما (1981-1985)، ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة لمحاربة استهلاك المخدرات.
وترأس المفكر الراحل الفدرالية العالمية للدراسات المستقبلية (1976-1981) ثم شغل عضوية لجنتها التنفيذية، وترأس الجمعية الدولية للمستقبليات «فوتوريبيل»، وشغل عضوية كل من نادي روما قبل أن يستقيل منه في 1988، والجمعية المغربية للمستقبليات، والمجلس التنفيذي للجمعية العالمية للتنمية (1985-1988)، وأكاديمية المملكة المغربية، والأكاديمية العالمية للفنون والعلوم، والأكاديمية الإفريقية للعلوم، والأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون والآداب، والجمعية العالمية للمستقبل، والاتحاد العالمي للمهندسين المعماريين، ومنتدى العالم الثالث، ونائب رئيس جمعية الصداقة بين المغرب واليابان.
ومن بين الجوائز والأوسمة التي حازها المفكر الراحل جائزة الأدب الفرنسي في جامعة كونيل (1953)، ووسام الاستقلال بالأردن (1960)، ووسام ضابط للفنون والآداب بفرنسا (1976)، والجائزة الفضية الكبرى للأكاديمية المعمارية بباريس (1984)، ووسام الشمس المشرقة باليابان (1986)، وجائزة السلام لسنة 1990 من معهد ألبرت إنشتاين الدولي.
وعرف المهدي المنجرة باعتباره أحد أهم المفكرين والمؤلفين المغاربة الذين لهم مواقف مشرفة وقوية في وجه ما يسمى بـ«حزب فرنسا» في المغرب؛ وذلك من خلال حربه الشديدة على الفرانكفونية، وسياسات مسخ هوية المغاربة؛ وله مؤلفات ومحاضرات وحوارات صحفية يشدد فيها على هذا الأمر، وكان هذا الموقف من بين أسباب التضييق التي عنى منها.
وفي هذا الإطار عبر الأستاذ إبراهيم الطالب مدير أسبوعية السبيل بقوله: الدكتور المنجرة من «رجالات المغرب الذين عاشوا كبارا، وماتوا كبارا، لم يحنوا رؤوسهم لإغراءات الفاسدين، المهدي كان دائماً يقول للباطل لا، يصرخ في وجه الفاسدين، لهذا عاش مهمشا، رغم أن الدول التي نشتري منها رأي خبرائها بالعملة الصعبة، كانت تحتفي به وتقدمه لأبنائها كباحث وعَلم وعالم في مجاله: دراسة المستقبليات، في حين كان رعاة الفساد في المغرب المسكين يحاربونه ويحاصرونه.
رحم الله العَلم الشامخ وأوسع له في قبره مد بصره، وتجاوز عن سيئاته، اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد، اللهم نقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله».