الخطابي يحث الشعب المغربي على متابعة النضال ويحذر المؤتمرين في «إكس ليبان» ود.المنجرة يصف المفاوضات بـ«الخيانة»

بعد أن أصبح التواجد المباشر لفرنسا في مستعمراتها أمرا مكلفا، خصوصا بعد هزيمة الجيش الفرنسي في معركة ديان بيان فو في مايو 1955، وإعلان الكفاح المسلح بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ابتداء من 1954، وتزايد الغضب الشعبي بالمغرب الذي بدا جليا في عدة مناسبات أبرزها 20 غشت 1955، سارعت فرنسا إلى فتح مفاوضات بخصوص استقلال المغرب. واعتمدت باريس خطة تقضي بفتح مفاوضات في كل من تونس والمغرب مع حلفاء محليين لبناء نظام سياسي يحفظ مصالحها ونفوذها هناك، لتركيز قوتها العسكرية بالجزائر.
فاقترح رئيس الحكومة الاشتراكي «بيير مونديس فرانس» الاستقلال الذاتي على تونس وقبلت. ولإجهاض تنامي خلايا المقاومة لجيش التحرير المغربي جهز الاحتلال الفرنسي مفاوضات «اكس ليبان» مع المغاربة.
لم يكن جيش التحرير والمقاومة المسلحة راضيين عن مفاوضات إيكس ليبان التي اعتبروها مشلولة بسبب الحضور القوي للجانب الفرنسي في المفاوضات من خلال المغاربة المتعاونيين مع سلطات الحماية، واعتبارها مفاوضات في صالح فرنسا وعلى مقاسها. وفي اليوم الذي تمت فيه المفاوضات وصفها الدكتور المهدي المنجرة بـ«الخيانة»، وصرّح بذلك في مكان غير بعيد عن جامعة السوربون.
وحسب عبد الهادي بوطالب فقد تم الاتفاق في هذه المفاوضات على سحب محمد بن عرفة بسلام إلى حيث يشاء وإنشاء مجلس حفظة العرش وتعيين السلطان محمد الخامس لحكومة مفاوضة بعد انتقاله من مدغشقر إلى فرنسا.
وقد تميزت فترة التي عقبت لقاء إكس ليبان باختلاف في الرؤى حول من يكون في وصاية العرش بين الوطنيين من جهة والفرنسيين من جهة ثانية. وأخيرا تم التوصل إلى اتفاق أفضى إلى تعيين الصدر الأعظم المقري، والباشا الصبيحي والقبطان الطاهر أوعسو والباشا البكاي. وقد عين هؤلاء الأشخاص رسميا في 15 أكتوبر 1955 وفي 24 من نفس الشهر والسنة.
وغير التهامي الكلاوي موقفه وأعلن اعتراضه القوي على تعيين مجلس الوصاية على العرش وأيد رجوع الملك محمد الخامس إلى عرشه. وفي 3 من نونبر 1955 قدم مجلس الوصاية استقالته إلى الإقامة العامة وفي 16 نونبر 1955 كان هبوط طائرة محمد بن يوسف بمطار الرباط سلا.
في 7 يناير 1956 نشرت صحيفة «كفاح المغرب العربي»، الصادرة باسم أنصار جيش التحرير في المغرب العربي من دمشق، رسالة للزعيم عبد الكريم الخطابي تحت عنوان: «بطل الريف يحذر المتخاذلين ويدعو الشعب لمتابعة النضال».
«…وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرزت اتفاقية إكس ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ، وأخذت تناور وتدلس وتغري الشعب المغربي بالكلام المعسول. وهي سائرة في نفس طريق اتفاقية تونس وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح، بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في الهدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عروشها حين يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر.
فحذار من السقوط في الفخ المنصوب، وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من بلاد المغرب بل من شمال إفريقيا كلها آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين.
أيها الإخوان دعاة الهزيمة موجودون في الأقطار الثلاثة من بلادنا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن يسمح لهم أن يثبطوا من عزائمنا أو يوهنوا من عقيدتنا في الكفاح الشريف.
فالنصر حليف المناضلين في سبيل الحق. وإننا لا نريد أن تفوت هذه الفرصة من غير أن نلفت نظر الشعب الفرنسي إلى أن إهدار كرامة الشعوب ليس من شيم الأمم المتمدنة، ولا من خصال المؤمنين بالأديان السماوية.. وبالله التوفيق». عبد الكريم الخطابي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *