التوكل على الله من لوازم الإيمان ومقتضياته كما قال تعالى: “وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ” فجعل التوكل شرطا في الإيمان, فدل على انتفاء الإيمان عند انتفاء أصل التوكل.
فكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى, وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل وإذا كان ضعيفا فهو دليل على ضعف الإيمان ولا بد.
قال سعيد بن جبير رحمه الله: “التوكل جماع الإيمان”.
وأصل التوكل: الاعتماد نقول توكلت على الله توكلا أي: اعتمدت عليه, وحقيقته الشرعية: أن يعتمد العبد على الله تعالى اعتمادا صادقا في مصالح دينه ودنياه مع الأخذ بالأسباب المأذون فيها.
فالتوكل شرعا: اعتقاد, واعتماد, وعمل.
أما الاعتقاد فهو: أن يعلم العبد أن الأمر كله لله.
والاعتماد: بأن يتـِق العبد بالله غاية التقة ويكون ذلك بالقلب.
والعمل: أن يأخذ بالأسباب المأذون فيها شرعا.
قال سهل التستري: “من طعن في الحركة -يعني في السعي والكسب- فقد طعن في السنة, ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان, فالتوكل حال النبي صلى الله عليه وسلم والكسب سنته, فمن عمل على حاله فلا يتركن سنته” جامع العلوم والحكم.
قال تعالى: “وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ”.
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: “لو أنكم توكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا”.
قال الحسن البصري رحمه الله: “إن توكل العبد على ربه أن يعلم أن الله هو تقته”.
فالحذر الحذر من التوكل على غير الله، وهو أنواع:
الأول: التوكل على غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، وهذا شرك أكبر.
الثاني: التوكل على حي حاضر فيما أقدره الله عليه، مع تعلق القلب به، فهذا شرك أصغر. أما إذا اعتقد أن هذا الإنسان سبب وأن الله تعالى هو الذي أقدره على هذا الشيء مع تعلق القلب بالله فهذا لا بأس به.
الثالث: الاعتماد على الغير في فعل ما يقدر عليه نيابة عنه فهذا جائز دل عليه الكتاب والسنة والاجماع, مع التوكل على الله.