طالب المشاركون في مؤتمر «من هم أهل السنة والجماعة؟» المنعقد في العاصمة الشياشنية “جروزني” العالم الإسلامي، بالتوقف عن الجدال والتنظير والانشغال بصغائر الأمور والقضايا، لتفويت الفرصة على الجماعات الإرهابية الذي تستغل ذلك لصياغة مناهجها التدميرية.
وبحضور أكثر من 200 مشارك من مختلف الدول العربية والإسلامية والغربية، أكد البيان الختامي للمؤتمر الذي استمر ثلاثة أيام (25-27 غشت 2016) أن أهل السنة والجماعة هم “الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علماً وأخلاقاً وتزكيةً”، في إقصاء تام لمن خالف هاتين الفرقتين خاصة أهل الحديث المتمسكين بما كانت عليه القرون الثلاثة الفاضلة.
وقد وعد المؤتمرون بأن «تجمع العلماء في الشيشان سوف يسهم بشكل جاد في إطفاء الحرائق والحروب اللاإنسانية، التي تتخذ من أجساد العرب والمسلمين وأشلائهم (فئران تجارب) دموية، وتشعلها أنظمة استعمارية جديدة تقدم بين يدي نيرانها نظريات شيطانية مرعبة». وأكد المشاركون أن «خطط هذه الأنظمة الماكرة بدأت تزحف على ثقافات الناس ومعتقداتهم ومقدراتهم التاريخية والحضارية وتخضعها لمعايير ثقافة عالمية واحدة».
هذا وقد شارك في المؤتمر عدد من الوجوه المثيرة للجدل من بينها علي الجفري وعلي جمعة، المساندان بقوة لنظام السيسي، وخلال مشاركته قال جمعة: إن «الأزهر لم يخترق كما يروج البعض للتشكيك في الأزهر، ولن يخترق لأن الله هو الذي أقامه وحافظ عليه وهيأه للحفاظ على المنهج الصحيح».
ووفق الشرق الأوسط؛ فقد سبق أن جدد الأزهر في مارس الماضي دعوته لعقد اجتماع بين علماء السنة ومراجع الشيعة..
وتعقيبا على ما ورد في المؤتمر الذي يبعث على وضع عدد من علامات استفهام، باعتبار توقيته والمشاركين فيه والبلد المنتظم له، شكر الدكتور سلطان العميري في تدوينة له على حائطه الأزرق وضوح القائمين على مؤتمر، وقال: “وأنا أشكر لهم هذا الوضوح، فحصرهم لأهل السنة في الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد يكشف الحقيقة كما هي، ويعتبر الاختلاف الحقيقي بين المذاهب ويبتعد عن المراوغة والغموض” .
وأضاف صاحب مؤلف “إشكالية الإعذار بالجهل في البحث العقدي”: “فمعنى تعريفهم أن أئمة أهل الحديث المخالفين للأشاعرة والماتريدية ليسوا من أهل السنة، وهذه نتيجة ممتازة، تناقض تلك الدعوى المشهورة أن الخلاف بين أئمة الحديث والأشاعرة خلاف فرعي وليس خلافا في الأصول” .
وقال الدكتور العمري: “وأنا فرح بهذه النتيجة -أعني أن الخلاف بين أئمة الحديث والأشاعرة أصلي لا يمكن أن يمثلوا جميعا أهل السنة- وقد كتبت فيها كثيرا .وبقي على القائمين على ذلك المؤتمر أن يثبتوا صحة دعواهم، وأن مذهب الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد يوافق الكتاب والسنة وما كان عليه الصحابة والتابعون وأتباعهم” .
وعلق الدكتور البشير عصام الباحث في قضايا اللغة والفكر والعقيدة على المؤتمر بقوله: “اجتمعوا في الشيشان التي احتلها الروس ووضعوا على رأسها حاكما مواليا لهم (قاديروف)، ثم تمخض هذا عن مقررات أولها: “أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد، وأهل المذاهب الأربعة في الفقه، وأهل التصوف الصافي علما وأخلاقا وتزكية”.
الطريف في الأمر، أن أغلب المشاركين يكثرون الضجيج في كتاباتهم ودروسهم حول انتقاد الإقصاء الفكري لدى “السلفيين أصحاب مدرسة الرأي الواحد”، فإذا بهم يخرجونهم من مسمى أهل السنة والجماعة جملة وتفصيلا!
من الجميل حقا أن تسقط الأقنعة والشعارات، وتتضح حقيقة الصراعات!
وأما الدكتور فهد العجلان فعلق على توصيات البيان الختامي بقوله: “اللافت أن المؤتمر مفتقد لأدنى أساليب السياسة والحنكة، فأصبح وضعه منكشفاً للجميع بأنه مجرد أداة يوظفها العدو لتحقيق مصالحه”.