تتحكم المنظومة العلمانية من جهة، والسلطوية من جهة أخرى، في مفاصل الحريات والحقوق، لتتم صياغتها في قالب خاص، يقصي الإسلاميين بشتى تلاوينهم، أو يصنفهم تصنيفات تحرمهم من ممارسة حقوقهم، والتعبير عن آرائهم. بل حتى تلك القيم المغربية الأصيلة والهوية المتفردة، يتم استهدافها، باعتبارها مجالا يشتغل عليه الإسلاميون، ورصيدا يستثمرونه، ومنطقة تلاقي وتواصل بينهم وبين عموم الشعب، الذي تستهدفه العلمانية ببرامجها ومشاريعها، ومن أهم صور الاستثناء من خطاب الحقوق والحريات، التي يتعرض لها الإسلاميون وخطابهم، وهوية المغاربة وقيمهم، والتي هي هوية وقيم إسلامية، يسعى الإسلاميون لصونها والمحافظة عليها:
الاختطاف والاعتقال والتعذيب
أغلب المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي الآن في المغرب هم إسلاميون، ولم يمر على توجه فكري أو فصيل سياسي، ما مرَّ على الإسلاميين على مدى 15 سنة، من اختطافات وتعذيب بل واغتيالات، وزج بآلاف الشباب بتهم واهية ومحاكمات صورية، ولايزال حوالي ألف معتقل يعانون لحد الساعة، من التلفيقات والمحاكمات غير العادلة، والتضييق داخل السجن والحرمان من أبسط الحقوق، بينهم 140 حالة بين المؤبد والإعدام، وقد توفي عشرة منهم أثناء الاعتقال وأثناء التحقيق وأثناء قضائهم فترة عقوبتهم، إما بسبب الإهمال أو بسبب الإضراب عن الطعام، حيث قدم الإسلاميون عددا من الضحايا، في سجون تعرف 120 حالة وفاة كل سنة.
النفي الاختياري أو الإجباري والمنع من العودة لأرض الوطن
بعد تصفية كافة ملفات النفي والمنع من العودة لأرض الوطن، حيث شرعت الأبواب لليساريين والانفصاليين وغيرهم، بقي الباب موصدا في وجه أعداد من الإسلاميين، على رأسهم الشيخ عبد الكريم مطيع، رغم توجيهه لنداءات ومبادرات، يروم من خلالها طي صفحة الماضي، لدرجة أنه يتمنى الموت والدفن في بلاده، إلا أن إسلاميته، تحول دون ذلك، فتتجاهله المنظمات العاملة في مجال حقوق الإنسان، ويتجاله الإعلام العلماني، كما تتجاهله كل أجهزة الدولة ومؤسساتها دون استثناء، رغم مرور أربعة عقود على قضيته.
المنع من تأسيس الجمعيات والأحزاب
من أصل 130 ألف جمعية ما يزال الإسلاميون بشكل خاص، أكثر ضحايا المنع من تأسيس الجمعيات، أو إقفال ما هو مؤسس. كما رفضت السلطات تسليم الوصل لكل من جمعية الحركة من أجل الأمة، وحزبي الأمة والبديل الحضاري، ولم تتسلم حركة التوحيد والإصلاح الوصل إلا قبل سنوات قليلة. وتم إقفال أزيد من سبعين جمعية دار قرآن، بأسباب واهية، بعد تحريض علماني، استجابت له السلطة على الفور.
منع الأئمة والخطباء
يعتبر أحمد توفيق المرضي عنه مخزنيا وعلمانيا، مارتن لوثر المقاربة الأمنية الدينية بالمغرب، حيث يلجأ وزير الأوقاف الذي أنهى ولاية رابعة، للعزل مباشرة دون حوار أو إنذار أو استدعاء أو تحذير، لكل خطيب أو إمام، خرج عما تدعو إليه العلمانية أو انتقد مظهرا من مظاهرها، وهكذا عزل الوزير العشرات من خيرة الخطباء والعلماء الذين لا يسايرونه في مشروعه، عمليات عزل بمعدل 16 حالة في السنة، على مدى قرابة 15 سنة.
الترويج لخطاب التحريض والكراهية
لا يكاد يخلو منبر أو برنامج ذو خطاب فكري أو سياسي، من مضامين التبخيس والتقليل والاستهزاء والتنقيص، من كثير من قيم وهوية المغاربة ومن ثقافتهم وتقاليدهم ودينهم، بل استهداف قطعيات دينهم ومقدساتهم، بدعوى القيم الكونية وخطاب الاتفتاح، كما لا يخلو برنامج أو منبر إعلامي ذو خطاب علماني أو حتى رسمي، من ترويج الصور النمطية ضد الإسلاميين، واستهدافهم بخطابات العنصرية والكراهية والتمييز والإقصاء والتحريض، رغم شعارات الحوار والاختلاف والتعايش، المرفوعة.