حوار على هامش كلمة الشيخ المغراوي بساحة الكتبية للتنديد بتفجير أركانة

ألقى الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي عقب صلاة الجمعة يوم 09 جمادى الآخرة 1432هـ الموافق 13 ماي 2011م، بساحة مسجد الكتبية، كلمة أمام حشد يقدر بالآلاف من المراكشيين ومحبي الشيخ وتلامذته والمستفيدين من دور القرآن المغلقة والمتعاطفين مع قضيتها العادلة.

وعلى هامش كلمة الشيخ المغراوي بساحة الكتبية أجرينا معه الحوار التالي:
س: لاحظنا تضامنكم في كلمتكم مع القضية الفلسطينية، فما تعليقكم على المصالحة التي تمت مؤخرا بين الفصائل الفلسطينية؟
ج: التضامن واجب على كل مسلم، وهذه المصالحة عنوان خير قد انتظرناه منذ أمد، لأن الخير والقوة في الوحدة واجتماع الكلمة كما أن الشر والضعف في تفرقها؛ كما قال الله تعالى: “وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ”.
لكن الخير والقوة المرجوة من هذا التصالح لن تتم إلا بأن تكون الوحدة والاجتماع على ما يرضي الله، وأن يحرص الجميع في تدبيرهم السياسي على تقوى الله وتوخي حكمه وما يرضيه.
س: أشرتم في كلمتكم إلى أن الصهيونية لها يد في ما يقع من مثل هذه التفجيرات، هلا وضحتم لنا؟
ج: لا شك أن من يقوم بالأعمال التخريبية من تفجير وتدمير مسير وموجه بطريقة غير مباشرة وإذا كان المحرك الظاهر لمثل هذه العمليات هم التكفيريون إن صحت الأخبار في ذلك؛ فإن الموجه الذي لا يظهر في الواجهة هي الحركة الصهيونية التي يهمها إحداث بؤر التوتر في كل دول العالم الإسلامي.
س: أشرتم أيضا إلى دور التوجه الصوفي في اتخاذ قرار إغلاق دور القرآن، وأن هذا التوجه يحيي الأضرحة التي هي أوكار الشرك، ماذا تقصدون؟
ج: أصحاب هذا التوجه -مع سوء تصورهم التام عن المنهج السلفي وخطئهم البين في تقييمه المنصف- يريدون فرض التصوف القبوري على المغاربة، ويجودون -بالأموال الطائلة؛ أموال التنمية المغربية- في إحياء بدع الأضرحة والمواسم، مع ما تنشره من الخرافات والعقائد والأعمال الفاسدة التي قد تؤول إلى الشرك بالله تعالى وقد أنكرها علماء المغرب قديما وحديثا..
وبالمقابل يريدون إقصاء كل ما يخالف ذلك التوجه الخطأ، وهذا يتنافى مع الواقع الديني للمغرب، الذي يؤكد أن السلفية من أبرز مكوناته؛ بما تدعو إليه من تعظيم القرآن وشخص الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته، ورجالاتها وأعلامها معروفون، وقد ترجمناهم في موسوعتنا: “موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية”.
نذكر على سبيل المثال في المغرب الحديث: “السلطان محمد الثالث، والسلطان مولاي سليمان، والعلامة بوشعيب الدكالي، وتلميذه شيخ الإسلام محمد بن العربي العلوي، وتلميذه الدكتور تقي الدين الهلالي، وهو شيخي الذي أرشدني إلى السلفية، رحمهم الله جميعا.
والسلفيون المغاربة شاركوا مشاركة أساسية في مقاومة الاستعمار وفي تنوير الفكر المغربي وتحريره من أوهام الخرافة والبدع والدعوة إلى الإصلاح في كل المجالات؛ فلا يقبل إقصاؤهم وتهميشهم، لا شرعا ولا خلقا ولا ديمقراطية، فلكل رأيه ولكل الحق في التعبير عن رأيه، ونحن نبين دعوتنا بالحجة والدليل ونحاكم من يخالفنا إلى الحجة والدليل، فهي اللغة التي ينبغي أن تسود؛ لغة الدعوة والحوار والبيان، لا لغة التهميش والإقصاء.
س: وماذا تقصدون بأن ما يجري في الأضرحة شرك؟
ج: أعني ما اتفق العلماء كلهم على أنه شرك؛ كدعاء الميت والاستغاثة به والذبح له؛ فهذه العبادات وغيرها لا تجوز إلا لله وحده ومن صرف منها شيئا لغير الله فهو مشرك كما قال سبحانه: “وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ”.
والله تعالى سماه شركا في قوله سبحانه: “ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ”.
س: ألا تخشون أن يشكل موقفكم مدخلا إلى الطائفية في المغرب؟
ج: لا خشية من هذا أبدا ما دام الجميع ملتزما بالثوابت الوطنية وعلى رأسها الإسلام، ومن نعم الله علينا في المغرب سلامتنا من فتنة الطائفية التي تعاني منها دول أخرى، فنحن جميعا موحدون على وحدتنا الترابية وعلى إمارة المؤمنين وعلى الإسلام والسنة، وليست عندنا مشكلة التشيع والنفوذ النصراني، فهذه هي محركات الطائفية، أما الاختلاف مع التصوف فيمكن أن يدبر في إطار ما يكفله الدستور من حرية الرأي وحرية التعبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *