لماذا اخترنا الملف؟

بعد الاستقلال مباشرة، عرف الريف انتفاضة بين سنتي 1958 و1959 كانت نتيجة حتمية لسلوكيات السلطات الجديدة التي عمدت إلى قمع واختطاف وتعذيب المعارضين خاصة المتعاطفين مع الأمير الخطابي والمرتبطين بأفكاره. وقد تم إقصاء الريفيين من المشاركة في تسيير شؤون منطقتهم، ومن المساهمة في حكم البلاد إذ لم يتم إشراك أي مواطن من الريف في مختلف الحكومات التي تشكلت خلال سنوات 55 و56 و57 و58.
وقد جرى قمع هذه الانتفاضة من قبل الجيش والطائرات التي كان يقودها طيارون فرنسيون. وخلفت الحملة مئات القتلى وآلاف الجرحى والمعتقلين. ومنذ ذلك الحين ضرب على المنطقة حصار اقتصادي وأمني خانق استمر حتى انتفاضة يناير من سنة 1984 والتي جاءت نتيجة لتأزم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المغرب.
تعرضت تلك الانتفاضة التي قادها التلاميذ في عدد من المدن الريفية إلى القمع العنيف، ووجه الحسن الثاني خطابا شهيرا إثر الأحداث التي أوقعت عددا كبيرا من القتلى والجرحى واصفا فيه سكان الريف ب “الأوباش” وغيرها من النعوت التي لا تزال موشومة في ذاكرة أهل الريف.
بعد ما عرف بـ”العهد الجديد”، حاولت الدولة تدارك مافات، ومحو تلك الصورة السلبية، وفتح صفحة جديدة مع سكان الريف، دشنها الملك محمد السادس بزيارة تاريخية للمنطقة، غير أن تدبير السلطات السيئ لمجموعة من الملفات، أعاد التوتر من جديد، كطريقة التعامل مع زلزال الحسيمة، وقضية إحراق 5 شبان سنة 2011 خلال حراك 20 فبراير الاحتجاجي داخل إحدى البنوك دون الكشف عن الحقيقية، ثم قضية طحن بائع السمك محسن فكري، داخل حاوية للأزبال.
رفع سكان الريف مجددا مطالب مشروعة، من أجل رفع الحصار والتهميش المضروب على منطقتهم، وتفاعلت السلطات بشكل إيجابي في عمومه مع تلك المطالب، على الأقل من ناحية التواصل، إلى أن خرجت الأغلبية الحكومية بتصريحات تنذر بإشعال الوضع من جديد، تصريحات اعتبرت بمثابة ضوء أخضر لقمع حراك الريف بالقوة.
مثل هذا النوع من الحراك يتطلب درجة كبيرة من الوعي واليقظة في التعامل معه، لا من طرف السياسيين ورجال السلطة فحسب، بل من طرف الإعلاميين والفاعلين على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم، في هذا الملف اخترنا أن نسلط الضوء على تلك المطالب التي يرفعها المحتجون، وعن ردود الفعل التي أثيرت، لكي نضع القارئ في صلب الموضوع، بعيدا عن مزايدات هذا الطرف أو ذاك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *