“ديفيد هيرست”: لماذا الحملة ضد قطر مكتوب عليها الفشل؟

 

كتب الصحفي والمراسل المخضرم الإنجليزي “ديفيد هيرست” مقالا نشره على عدد من المنابر العالمية بعنوان: لماذا الحملة ضد قطر مكتوب عليها الفشل؟

أن حصار قطر أظهر أن هناك صراعا ثلاثيا يتنافس على النفوذ والسيطرة في المنطقة، يتكون من ثلاث قوى إقليمية هي:

“القوة الأولى تتزعمها إيران واللاعبون الذين ينضوون ضمنها منهم دول مثل العراق وسوريا، ومنهم جماعات مثل المليشيات الشيعية.

أما القوة الثانية فتمثله الملكيات السلطوية في منطقة الخليج وينضم إليها كل من الأردن ومصر..

بينما الكتلة الثالثة تقودها تركيا وقطر، والقوى الفاعلة في الربيع العربي”.

وأشار “هرست” إلى أنه في هذا الصراع الثلاثي، يساهم حلفاء أمريكا في تقويض استقرار النظام الإقليمي بالقدر ذاته الذي يساهم فيه أعداؤها.

ولفت إلى أن الحسبة لدى المملكة العربية السعودية؛ أخطأت إذ سعت لفرض إرادتها على دولة قطر الصغيرة، لأنها بمحاولتها تلك خلخلت النظام الإقليمي الذي اعتمدت عليه في التصدي لنفوذ إيران في مختلف البلدان المحيطة بالمملكة.

وفصل هيرست قائلا: “إذا كانت الحرب الأهلية السورية التي تدعمها إيران ألفت بين السعوديين والأتراك، فإن الصراع مع قطر سيفعل العكس تماما. بل ما يمكن أن يحدث في أرض الواقع هو أن هذا الصراع من شأنه أن يؤسس لقضية مشتركة بين إيران وتركيا وقوى الإسلام السياسي السنية”.

وأردف: “لن تحتضن هاتان القوتان نفسيهما هكذا بشكل طبيعي وتلقائي، وإنما يمكن أن تتقاربا وتتآلفا؛ بسبب رعونة وقصر نظر السياسات التي تنتهجها المملكة العربية السعودية”.

وعلى صعيد الموقف الرسمي الأمريكي، قال هيرست إنه “طرأ عنصران غيرا من قواعد اللعبة وأثرا على مسار الحملة السعودية ضد قطر، وهما قرار البرلمان التركي تسريع إصدار تشريع يسمح للقوات التركية بالانتشار في قطر، وبيان قوات الحرس الثوري الإيراني الذي اتهم السعودية بالمسؤولية عن الهجوم على البرلمان الإيراني ومرقد الخميني”.

وأضاف أن “ذلك يؤدي إلى عزل المملكة العربية السعودية، التي بإمكانها أن تتنمر على دولة صغيرة، لكنها لا تملك الدفاع عن نفسها دون أن تحظى بكميات ضخمة من الدعم العسكري الخارجي”.

ورأى “هيرست” أن القائد الأعلى للقوات الأمريكية مهما غرر به، فإن قوات الولايات المتحدة المنتشرة في الخليج تسعى جاهدة إلى تجنب تقديم مثل هذا الدعم”.

واستطرد: “ثم جاءت تغريدات ترامب، والتي ادعى فيها أنه صاحب فكرة التحركات غير الاعتيادية ضد قطر، وذلك من خلال قوله إنها جاءت ثمرة للخطاب الذي ألقاه أمام خمسين من زعماء العرب والمسلمين. ولكن تلا ذلك بيان ثان صادر عن البنتاغون يجدد الإشادة بقطر لاستضافتها القوات الأمريكية”.

وأشار الكاتب البريطاني أنه “وبعد القرار التركي مباشرة، تناول ترامب الهاتف واتصل بأمير قطر عارضا عليه الوساطة، إذ يبدو أن الرسالة التي وجهها إليه القادة العسكريون في بلاده وصلته بعد 24 ساعة من تغريداته”.

وتطرق هيرست في مقاله عن الحسابات الخاطئة في الحملة ضد قطر، قائلا: “لقد قضمت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أكثر مما بإمكانهما مضغه”.

وأضاف: “كانت أول حسبة خاطئة هي الثقة بكلام ترامب، فحينما تشتري منتجا من منتجات ترامب يجدر بك أن تكون على وعي بالمضاعفات الجانبية، وأحدها هو ذلك الكم الهائل من الامتعاض والكراهية والمقاومة التي ولدها ترامب داخل بلاده”.

أما حسبتهم الخاطئة الثانية، بحسب هيرست، فهي افتراض أنه نظرا لأن قطر صغيرة، فلن تهب أي دولة أكبر منها لنجدتها. وأشار إلى أن “العكس تماما هو الذي حصل، حيث أدرك أردوغان أنه إذا جرى سحق قطر فلن يبقى في ذلك المعسكر غيره واقفا”.

والحسبة الخاطئة الثالثة، كانت كشفهما عن حقيقة ما يريدانه من قطر، وهو لا يتعلق أبدا بدعم الإرهاب ولا بالتقارب مع إيران. بل إن الإماراتيين الذين يشكلون جزءا من التحالف الذي يتهم قطر بالانحياز إلى طهران لديهم تجارة عظيمة مع إيران لا تخفى على أحد.

ولفت هيرست إلى أن “المطالب الفعلية التي قدمت إلى أمير الكويت، الذي يقوم بدور الوساطة، فهي إغلاق قناة الجزيرة، ووقف التمويل عن العربي الجديد وعن القدس العربي وعن النسخة العربية من صحيفة هافنغتون بوست، وطرد المفكر العربي عزمي بشارة”.

ولم يغفل الكاتب البريطاني، موقف إسرائيل من الهجمة ضد “حماس”، فقد قال: “يرد اسم حماس والإخوان المسلمين في المطلب السابع في القائمة. يعتبر إيراد اسم حماس في هذه القائمة حسبة خاطئة أخرى؛ لأنه بغض النظر عما تظنه الولايات المتحدة الأمريكية وعن موقفها تجاه هذه الحركة الفلسطينية، ما من شك في أنها تتمتع بشعبية كبيرة في منطقة الخليج”.

واختتم هيرست بتساؤل عن الحسبة الخاطئة الأخيرة؟ فأجاب بأن “قطر ليست غزة. فقطر لديها أصدقاء، وهؤلاء لديهم جيوش جرارة، وهي رغم صغر حجمها -تعداد سكانها أقل من عدد سكان هيوستن- إلا أن لديها صندوق ثروة سياديا تقدر قيمته بما لا يقل عن 335 مليار دولار. فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، ولديها علاقة مع شركة إكسون. والسعوديون والإماراتيون ليسوا الوحيدين الذين يمارسون لعبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *