أمّـــة نائـمـــة!!! ذة. لطيفة أسير

وأنت تُبصر صور نضال أهلنا بفلسطين، تستشعر إلى جانب جُبنكِ وخورك، وذِلّتك ومهانتك، شموخ تلك النفوس الأبية، بكل فئاتها العمرية، تُعيد النظر مُرغما في تلك الصفات التي جمّلت هؤلاء الكرام، فلا الطفولة انعكاس للهو واللعب، ولا الأنوثة عنوان للضعف والوهن، ولا الذكورة حكاية من حكايات الخذلان كما في مجتمعاتنا. الطفل أنشودة مبكرة لبطولة تَعِد أن الأقصى سيظل بأيدٍ أمينة، والأنوثة أبتْ إلا أن تصطبغ برجولة تأبى الذّلة وتأنفُ أن تلين، أما شوامخ الأقصى فرجال مذْ عهدناهم في أيام الصبا، لا هوادة مع المحتل.
أما الغاصب المحتل فأنت تلْمح في عيون عسكره تلك النظرة الانهزامية، وهم يلتفّون جماعات حول فتاة أو فتى، قد حملوا ما أثقل كاهلهم من السلاح، لكن الرعب سكنهم من أناس عُزّل.. يقتربون بحذر.. ينظرون بوجل.. يسددون بسرعة مخافة انقضاض ذاك الشهم الأعزل عليهم.. فهل بعد هذا من جبن!!
نحن لا نخاف على فلسطين لأن أهلها على صراط الجهاد، وطال الزمن أو قصر النصر آتٍ آت.. خوفنا الأكبر على شعوبنا التي أسرتها الدنيا، وتاهت بين دروب شهواتها.. خوفنا أن يطول هذا التيه فيطول الانتظار ولا نظفر ببعض المبشرات حين يباغتنا هادم اللذات!!
خوفنا حتى من ردود أفعالنا تجاه مآسي أمتنا والتي باتت تتضاءل وتضمحل جيلا بعد جيل، اعتادت أبصارنا منظر الدماء والقتلى، وما عادت تستوحش صراخ الثكالى والأيامى، فغابت تلك اللُّحْمة التي وحَّدنا بها ربنا في قوله تعالى ﴿إنّما المؤمنون إخوة﴾، ونسينا قول حبيبنا صلى الله عليه وسلم: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره”، وصرنا نلهث خلف مصالحنا الفردية وأطماعنا المادية، ففسدت ذواتنا قبل أن تفسد مجتمعاتنا.
من نحن حقا؟ هل فعلا نحن بشر من لحم ودم؟ من أي الأجناس الكونية صارت شعوبنا؟ ومن أي صخر قُدّت قلوبنا؟ حتى الحروف صارت تلعننا وتلعن ذاتها وهي ترانا نخطها ونحن آمنون بين أهلينا، نأكل ونشرب ونمارس عاداتنا السخيفة ثم نتباكى خلف الشاشة، لسان حالها: اللهم دكّ هذا العالَم دكّا دكّا!!
ما الذي يستفزنا نحن العرب.. لم أعد أدري والله، كل أشكال القتل والقهر والإذلال نشاهدها من سنوات بفلسطين والعراق واليمن وسوريا وبورما و…، مآسي تتناسل فينا منذ سنوات، ومع كل نزف تزداد جرعة البلادة فينا. إذا كان الإمام الشافعي قال: من استغضب فلم يغضب فهو حمار، فنحن والله أحط من الحمير، لأن كل ما يمكن أن يستفز المروءة والنخوة والرجولة والإنسانية فينا نراه رأي العين كل لحظة، فلماذا لا نغضب؟
(متى تغضب؟؟
ألم تنظر إلى الأطفال في الأقصى عمالقة قد انتفضوا
أتنهض طفلة العامين غاضبة…
وصناع القرار اليوم لا غضبوا و لا نهضوا!!!)
أكيد مع هذا الجيل المخنث لن نغضب..
مع هذا الجيل الفاقد للإحساس المنغمس في مستنقعات الشهوات والرذيلة لن نغضب..
مع هذا الجيل الذي يترنّح يمنة ويسرة من وقع الإدمان الذي أسكر العقول والهوى الذي أسكر القلوب لن نغضب..
مع هؤلاء الحكام المحكومين اللاهثين خلف عرَض الدنيا لن نغضب..
بل سننتظر سنواتٍ أخرَى عجاف.. وويل للقلوب الواعية من ضجيج هذي السنين!
لك أن تلعننا يا أقصانا لأننا أنذال جبناء، ننام ملء جفوننا ونأكل حتى تشبع بطوننا ونتأوه ونحن نردد بكل ما أوتينا من عجز: ما باليد حيلة!!

( أعيرونا مدافعكم ليوم لا مدامعكم
أعيرونا وظلوا في مواقعكم
…..
أتنتظرون أن يمحى وجود المسجد الأقصى!!
وأن نمحى!!
……
أعيرونا مدافعكم وخلوا الشجب واستحيوا
سئمنا الشجب والردحا…).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *