لماذا يثقل أداء الصلاة على بعض الناس؟

 

الصلاة ركن من أركان الدين، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين، وجاءت الوصاية بها وبالمحافظة عليها في مواضع كثيرة متعددة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله.

ومع جلالة شأنها وعظم منزلتها نجد كثيرا من المسلمين يتهاون بشأنها: في طهارتها، أو قيامها، أو ركوعها، أو سجودها، أو خشوعها، أو قراءتها وأذكارها، أو أوقاتها.

وإنما يثقل أداء الصلاة على وجهها على كثير من الناس لأسباب متعددة، منها:

– أنهم يرون فيها تكليفا ومشقة، وعادة النفس أنها تنفر من التكليف والاستخدام وتحب الدعة والراحة، بينما يراها المؤمنون المتقون رحمة ونعيما وقرة عين، قال ابن القيم رحمه الله :

“لَا يَجِدُ المؤمن فِي أَوْرَادِ الْعِبَادَةِ كُلْفَةً، وَلَا تَصِيرُ تَكْلِيفًا فِي حَقِّهِ. فَإِنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُحِبُّ الصَّادِقُ، وَيَأْتِي بِهِ فِي خِدْمَةِ مَحْبُوبِهِ: هُوَ أَسَرُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ، وَأَلَذُّهُ عِنْدَهُ، وَلَا يَرَى ذَلِكَ تَكْلِيفًا، لِمَا فِي التَّكْلِيفِ: مِنْ إِلْزَامِ الْمُكَلَّفِ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا سَمَّى أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ: وَصِيَّةً، وَعَهْدًا، وَمَوْعِظَةً، وَرَحْمَةً وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا اسْمَ التَّكْلِيفِ إِلَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة 286” انتهى من مدارج السالكين (3/157).

– وجوبها خمس مرات في كل يوم وليلة في أوقاتها؛ فيرى البطالون أن في ذلك شدة عليهم؛ لما اعتادوه وأحبوه من الدعة والراحة.

– تقديم الرغبات الدنيوية والشهوات النفسية على محبة الصلاة، والقيام إليها، وإتيانها مع المسلمين في الجماعات، فتجد كثيرا من الناس يقدم النوم على القيام إلى الصلاة، ومنهم من يقدم العمل، بل منهم من يقدم اللعب عليها إذا تعارضت معه.

– تكالب الناس على الدنيا وانشغالهم بها، ونسيان أمر الآخرة أو تأخيره.

– تغليب الأمانيّ على جانب الخوف من الله، فيقول أحدهم إذا نُصح في أمر الصلاة: إن الله غفور رحيم، وهو أرحم بنا من أمهاتنا، فيدعوه ذلك إلى التهاون بأمور الدين وعدم المبالاة والتقصير، وهذه من الأماني الكواذب، وليس من حسن الرجاء في رحمة الله.

قال ابن القيم رحمه الله: “مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: مَحَبَّةُ مَا يَرْجُوهُ.

الثَّانِي: خَوْفُهُ مِنْ فَوَاتِهِ.

الثَّالِثُ: سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِهِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ.

وَأَمَّا رَجَاءٌ لَا يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ: فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِيِّ، وَالرَّجَاءُ شَيْءٌ وَالْأَمَانِيُّ شَيْءٌ آخَرُ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ، وَالسَّائِرُ عَلَى الطَّرِيقِ إِذَا خَافَ أَسْرَعَ السَّيْرَ مَخَافَةَ الْفَوَاتِ” “الجواب الكافي” (ص39).

– ضعف الإيمان في قلوب كثير من الناس، فالصلاة قرة عيون المؤمنين، وهي ثقيلة على المنافقين، فمن ثقلت عليه صلاته فقد أشبه المنافقين، الذين لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ) رواه البخاري (657) ومسلم (651).

فكل الصلوات ثقيلة على المنافقين، وأثقلها عليهم: صلاة العشاء وصلاة الفجر، فلا تثقل صلاة على أحد إلا لضعف إيمانه، وما فيه من الشبه بالمنافقين.

– أصدقاء السوء، وهؤلاء عقبة أمام كل خير، وربما وجدت أحدهم وله همة إلى الصلاة، فيبتلى بأهل الشر، فلا يزالون به حتى يثبطوه عن أدائها، ويثقلوا فعلها عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *