“زواج الفاتحة” و”الزواج بنية الطلاق”.. تحايل أم بحث عن المشروعية؟

لماذا اخترنا الملف؟

بفعل التغير المجتمعي والقانوني، وتدني معدلات الزواج وانتشار العنوسة؛ برز على السطح نوع مثير من عقد القران وهو ما يعرف بـ”زواج الفاتحة”، في هذه الملف لا نود الحديث عما هو منتشر في البوادي من هذا النوع من الزواج، وما هو سائد عرفا، وإنما نود تسليط الضوء على ما يقع في المدن والحواضر الكبرى، وبين صفوف فئة من الناس، وجدوا في الزواج بهذه الطريقة منفذا لتصريف الشهوة، وخلاصا من التبعات القانونية والتشريعية.

عندما قررنا النبش في “الزواج غير الموثق” وأسبابه ودوافه، توجهنا بمجموعة من الأسئلة للمختصين في مدونة الأسرة، ومن يباشر الإجابة الفقهية على أسئلة المستفتين، ومن يخوضون في الصلح بين الناس لحل مشاكلهم وفض النزاعات بينهم، فهالنا ما سمعنا حول هذا الموضوع، وكيف يتساهل كثير من الناس في الأعراض، بل كيف يتلاعب بعضهم بكل شيء لتحقيق نزواته العابرة.

فإذا كان “الزواج غير الموثق” أو “زواج الفاتحة” كما يسمى، منتشرا بكثرة في البوادي، بسبب قلة الوعي، واستمرار العمل بالعرف وفعل الأجداد، والهشاشة وقلة ذات اليد لسداد واجبات التنقل ورسوم التسجيل والتوثيق وغير ذلك، فإنه في المدن يتم الزواج في كثير من الحالات، فرارا من تضييق المدونة، كما في حالات زواج الفتاة دون 18 سنة، وتعدد الزوجات، أو “الزواج بنية الطلاق”.

وغالبا ما توافق الفتاة على هذا النوع من الزواج بفعل الحاجة والضغط الاجتماعي والإغراء المادي أو الديني، وبالنسبة لبعض الحالات يتم القبول بناء على الرغبة في الإحصان والعفاف والخوف من الوقوع في الزنا. حيث يجد الطرفان، خاصة إن كان المرأة مطلقة أو أرملة، مندوحة في هذا القول الفقهي للاجتماع وتصريف الشهوة.

طبعا، نحن لا نعمم هذا السلوك على كل المتدينين، لأن كثيرا منهم يرفضون الزواج دون توثيق والزواج بنية الطلاق، أضف إلى هذا أنه رغم وجود بعض النصوص في التراث الفقهي الإسلامي التي تجيز الزواج بنية الطلاق، إلا أن كثيرا من المجامع الفقهية الكبرى تنكره وتشدد في منعه لأسباب متعددة.

فالضحية الأولى لعدم توثيق عقد القران هي المرأة، التي قد تضيع حقوقها عند أول خلاف، فالزوج يقف في الطرف القوي، ويجد نفسه غير مقيَّد بقانون ملزم، ومع ضعف السلوك والوازع الديني، وفساد الذمم وانخرام المروءة، في الغالب فإن المرأة تقع ضحية ظلم الرجل، الذي يسلبها حقوقها في حياته، وإن قدر وتوفاه الله تضيع حقوقها في الإرث، وحقوق أبنائها في إثبات النسب.

موضوع عدم توثيق عقد القران يشمل أيضا الزواج المختلط، حيث يتحايل بعض الأجانب للتملص من المدونة، ويقدمون للفيات الطامعات بحياة أفضل وعودا كاذبة، ويمنُّون عائلاتهن بتوثيق هذا الزواج في القريب العاجل، وكما يقول المثل المغربي الشهير “الطماع يغلبه الكذاب”، فبعض العائلات تغريهم المظاهر، ويعميهم الجشع والطمع للتفريط بعرض بناتهن، فيستسلموا للأماني ويوافقوا فرحين على زواج ابنتهم من شخص أجنبي، وقد كشفت وقائع وأحداث أن هناك شبكات متخصصة في ترحيل الفتيات للزواج في الخليج بالفاتحة أو بالتوثيق، ومعظمهن يتم تطليقهن وتهجيرهن إلى أوطانهن بعد قضاء الوطر وإشباع الشهوة.

ووفق الأرقام الواردة حول هذا الموضوع فإن الزواج المختلط في الغالب لا ينجح، والحديث ها هنا عن الزواج الموثق، أما غير الموثق فمن باب أولى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *