ما غلبني أحد قط سوى…
روي عن إياس بن معاوية أنه قال: ما غلبني أحد قط سوى رجل واحد، وذلك أني كنت في مجلس القضاء بالبصرة، فدخل علي رجل شهد عندي أن البستان الفلاني -وذكره حدوده- هو ملك فلان، فقلت له: كم عدد شجره؟ فسكت ثم قال: منذ كم يحكم سيدنا القاضي في هذا المجلس؟ فقلت: منذ كذا. فقال: كم عدد خشب سقفه؟ فقلت له الحق معك وأجزت شهادته.
قال: أنا ابن الحمامة
ومن بخلاء العرب المشهورين الحطيئة، فقد حكي عنه أنه مر به ابن الحمامة وهو جالس بفناء بيته، فقال له: السلام عليكم، فقال: قلتَ ما لا يُنكر. قال: إني خرجت من أهلي بغير زاد. قال: ما ضمنت لأهلك قراك. قال: أفتأذن لي أن آتي بظل بيتك فأتفيأ به؟ قال: دونك الجبل يفيء عليك. قال: أنا ابن الحمامة. قال انصرف وكن ابن أي طائر شئت!
والله لا ذقته يا أعرابي
وقف أعرابي على بخيل وهو يتغذى، فسلم، فرد عليه، ثم أقبل على الأكل ولم يعزم عليه، فقال له: إني قد مررت بأهلك، قال: كذلك كان طريقك، قال: وامرأتك حبلى، قال: كذلك كان عهدي بها، قال: قد ولدت، قال: كان لا بد لها أن تلد، قال: ولدت غلامين، قال: كذلك كانت أمها، قال: مات أحدهما، قال: ما كانت تقوى على إرضاع الاثنين، قال: مات الآخر، قال: ما كان ليبقى بعد موت أخيه، قال: وماتت الأم، قال: حزنا على ولديها، قال: ما أطيب طعامك! قال: لأجل ذلك أكلته وحدي، والله لا ذقته يا أعرابي!
أتبشرينني بعدوِّ الخبز
بشرت امرأة زوجها بأن ابنها اتّعز -بدأ ظهور أسناه-، فقال أتبشرينني بعدو الخبز، اذهبي إلى أهلك.
حضور البديهة
قال الأصمعي لغلام حدث السن من أولاد العرب: أيسرك أن يكون لك مائة ألف درهم وأنك أحمق؟
فقال: لا، والله.
قلت: ولم؟
قال: أخاف أن يجني علي حمقي جناية تذهب بمالي ويبقى علي حمقي!
اليتم قبل العقوق
قيل لأعرابي: لم أخرت التزويج إلى الكبر، فقال لأبادر ولدي باليتم قبل أن يسبقني بالعقوق.
أين الصديق
قيل لأعرابي: كيف أنسك بالصديق؟ فقال: أين الصديق؟ بل أين الشبيه به؟ بل أين الشبيه بالشبيه بالصديق؟ والله، ما يوقد نار الضغائن إلا الذين يدعون الصداقة ويعانون النصيحة، وهم أعداء في مُسوك -جلود- الأصدقاء.
لحن مستملح
قصد رجل الحجاج بن يوسف فأنشده:
أبـا هشــــــــــــامٍ ببابـــــــــك *** قـد شــــم ريــح كبابــــــــك
فقال: ويحك! لم نصبت: أبا هشام؟
فقال: الكنية كنيتي، إن شئت رفعتها، وإن شئت نصبتها!
حماقة الأب وابنه
قال أحمق لابنه، وكان أحمق أيضا: أي يوم صلينا الجمعة في مسجد الرصافة؟ فقال: لقد نسيت، ولكني أظنه يوم الثلاثاء، قال: صدقت كذا كان.
حكم ومواعظ
ضع الموت نصب عينيك
الواجب على العاقل أخذ العدة لرحيله، فإنه لا يعلم متى يفجؤه أمر ربه “الموت”، و لا يدري متى يستدعى؟
وإني رأيت خلقاً كثيراً غرهم الشباب، ونسوا فقد الأقران، وألهاهم طول الأمل.
وربما قال العالم المحض لنفسه: أشتغل بالعلم اليوم ثم أعمل به غداً، فيتساهل في الزلل بحجة الراحة، ويؤخر الأهبة لتحقيق التوبة، ولا يتحاشى من غيبة أو سماعها، ومن كسب شبهة يأمل أن يمحوها بالورع.
وينسى أن الموت قد يبغت. فالعاقل من أعطى كل لحظة حقها من الواجب عليه، فإن بغته الموت رُئِي مستعداً، وإن نال الأمل ازداد خيراً.
فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم، فإن العزلة حمية، والفكر والعلم أدوية. والدواء مع التخليط لا ينفع.
العمل للآخرة
إخواني ارفضوا الدنيا فقد رفضت من كان أشغف بها منكم، اتعظوا بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم، الدنيا خمر ساعدها تغريد “طائر” الطبع فاشتد سكر الشاربين، ففات موسم الريح، ثم بعد الإفاقة يقام الحد، فيقيم قائم الحزن ويكفي في الضرب فوت الخير، فإذا ماتوا ويحك إن الموت سحاب والشيب وَبَلُه ومن بلغ السبعين اشتكى من غير علة، والعاقل من أصبح على وجل من قرب الأجل، يا هذا: الدنيا وراءك والأخرى أمامك والطلب لما وراء هزيمة وإنما العزيمة في الإقدام، جاء طوفان الموت فاركب سفن التقى ولا ترافق ”كنعان”.
الغفلة عن الآخرة
يا هذا حب الدنيا أقتل من السم، وشرورها أكثر من النمل، وعين حرصك عليها أبصر من الهدهد، وبطن أملك أعطش من الرمل، وفم شرهك أشرب من الهيم، وإن خضت في حديثها فأنطق من ”سحبان” وإن انتقدت دنانيرها فأنسب من ”دغفل” حليتك في تحصيلها أدق من الشعر، وأنت في تدبيرها أصنع من النحل، تجمع فيها الدر جمع الذر.
الإخلاص
الإخلاص مِسْك “عطر” مصون في مَسْك “جلد” القلب، يُنْبِه ريحُه على حامله، العمل صورة والإخلاص روح، إذا لم تخلِص فلا تتعب لو قطعت سائر المنازل لم تكن حاجا إلا بشهود الموقف، ولا تغتر بصورة الطاعات فإن خصم الإخلاص إذا جاء عند حاكم الجزاء ألزم الحبس عن القبول.
الظلام والتيه
يا تائها في ظلمة ظلمه، يا موغلا في مفازة تيهه، يا باحثا عن مدية حتفه، يا حافرا زبية هلاكه، يا معمقا مهواة مصرعه، بئسما اخترت لأحب الأنفس إليك.
ويحك! تلمح الجادة فأنت في ظلال عين أملك ترى المحبوب وتعمى عن المكاره، إذا كان عمرك في إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى، كيف يبقى على حالته من يعمل الدهر في إحالته، كيف تطيب الدنيا لمن لا يأمن الموت ساعة، ولا يكتمل له سرور يوم كم قرع الزمان بوعظه فما سمعت “لِيُنذِرَ مَن كانَ حَياً”، صاح ديك الإيقاظ في سحر ليل العبر فما تيقظت، فتنبه إذا نعق غراب البين بين البين.
لم أر أشقى بماله من البخيل
قال الإمام الحسن البصري رحمه الله في البخيل: لم أر أشقى بماله من البخيل لأنه في الدنيا يهتم بجمعه وفي الآخرة يحاسب على منعه، غير آمن في الدنيا من همه، وناج في الآخرة من إثمه، عيشه في الدنيا عيش الفقراء وحسابه في الآخرة حساب الأغنياء.
دموع المذنبين
سبحان من يرسل رياح المواعظ فتثير من قلوب المتيقظين غيم الغم على ما سلف فتسوقه إلى بلد الطبع المجدب برعد الوعيد وبريق الخشية فترقأ دموع الأحزان من قعر بحر القلب إلى أوج الرأس فتسيل ميازيب الشؤون على نطوع الوجنات فإذا أعشب السر تهتز فرحا بالإجابة.
أضف إلى معلوماتك
إبرة العقرب: توجد في طرف ذيلها المعقد مقوسة قليلا ومثقوبة فيما يلي قمتها بثقبين متصلين بعقدة منتفخة فيها غدتان تفرزان سما وهما محاطتان بأوتار تصلح لعصرها وإنزال السم منها عند الحاجة، فمتى لمست العقرب الإنسان ضغطت بتلك الأوتار على تينك الغدتين فيخرج السم من جانبي تلك الإبرة من الثقبين اللذين فيها ويسري إلى دم الإنسان فيسمه.
والعقرب لا تلدغ إلا مدافعة عن نفسها لا لمحض الإيذاء كبعض الحيوانات، ولكنها لصغر جسمها تتسرب إلى الفرش ومظان الرطوبات، فقد يلمسها الإنسان عفوا فتظن أنه يريد بها شرا فتلدغه.
الباز: نوع من الطيور، والباز لغةُ في البازي جمعه( أبواز وبيزان) وهو خمسة أصناف البازي والزرق والباشق والبيدق والصقر، والبازي قليل الصبر عن الماء يأوي الأشجار الملتفة والظلام وهو سريع الطيران فرخه يسمى غطريفا.