يُجمع الناس كلهم في صعيد، وينقسمون إلى شقي وسعيد، فقوم قد حلّ بهم الوعيد، وقوم قيامتهم نزهة وعيد، وكل عامل يغترف من مشربه.
كم نظرة تحلو في العاجلة، مرارتها لا تُـطاق في الآخرة، يا ابن آدم قلبك قلب ضعيف، ورأيك في إطلاق الطرف رأي سخيف، فكم نظرة محتقرة زلت بها الأقدام.
يا طفل الهوى! متى يؤنس منك رشد، عينك مطلقة في الحرام، ولسانك مهمل في الآثام، وجسدك يتعب في كسب الحطام.
أين ندمك على ذنوبك؟ أين حسرتك على عيوبك؟ إلى متى تؤذي بالذنب نفسك، وتضيع يومك تضييعك أمسك، لا مع الصادقين لك قدم، ولا مع التائبين لك ندم، هلاّ بسطت في الدجى يداً سائلة، وأجريت في السحر دموعاً سائلة.
تحب أولادك طبعاً فأحبب والديك شرعاً، وارع أصلاً أثمر فرعاً، واذكر لطفهما بك و طيب المرعى أولاً وأخيرا، فتصدق عنهما إن كانا ميتين، واستغفر لهما واقض عنهما الدين.
من لك إذا ألمّ الألم، وسكن الصوت وتمكن الندم، ووقع الفوت، وأقبل لأخذ الروح ملك الموت، ونزلت منزلاً ليس بمسكون، فيا أسفاً لك كيف تكون، وأهوال القبر لا تطاق.
كأن القلوب ليست منا، وكأن الحديث يُعنى به غيرنا، كم من وعيد يخرق الآذان.. كأنما يُعنى به سوانا.. أصمّنا الإهمال بل أعمانا.
يا ابن آدم فرح الخطيئة اليوم قليل، وحزنها في غد طويل، ما دام المؤمن في نور التقوى، فهو يبصر طريق الهدى، فإذا أطبق ظلام الهوى عدم النور.
انتبه الحسن ليلة فبكى، فضج أهل الدار بالبكاء فسألوه عن حاله فقال: ذكرت ذنباً فبكيت! يا مريض الذنوب ما لك دواء كالبكاء.
يا من عمله بالنفاق مغشوش، تتزين للناس كما يُزين المنقوش، إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش، وكيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش.
ألك عمل إذا وضع في الميزان زان؟ عملك قشر لا لب، واللب يُثقل الكفة لا القشر.
درر وفوائد
أصل التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافه ويحذره وقاية تقيه منه، فتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك، وهو فعل طاعته واجتناب معاصيه.
جامع العلوم والحكم 295
من حماقاتهم (أي الشيعة) فكثيرة جداً: مثل كون بعضهم لا يشرب من نهر حفره يزيد مع أن النبي صلى الله عليه وسلم والذين معه كانوا يشربون من آبار وأنهار حفرها الكفار.
ومثل كونهم يكرهون التكلم بلفظ العشرة أو فعل شيء يكون عشرة حتى في البناء لا يبنون على عشرة أعمدة، لكونهم يبغضون خيار الصحابة وهم العشرة المشهود لهم بالجنة، ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس لم يجب هجر هذا الاسم.
وكذلك هجرهم لاسم أبي بكر وعمر وعثمان ولمن يتسمى بذلك، حتى إنهم يكرهون معاملته، ومعلوم أن هؤلاء لو كانوا من أكفر الناس لم يشرع أن لا يتسمى الرجل بمثل أسمائهم.
ومن حماقاتهم أيضاً: أنهم يجعلون للمنتظر عدة مشاهد ينتظرونه فيها، كالسرداب الذي بسامراء الذي يزعمون أنه غاب فيه ومشاهد أخر، وقد يقيمون هناك دابة -إما بغلة وإما فرساً وإما غير ذلك- ليركبها إذا خرج.
ومن حماقاتهم: تمثيلهم لمن يبغضونه بالجماد أو حيوان، ثم يفعلون بذلك الجماد والحيوان ما يرونه عقوبة لمن يبغضونه، مثل اتخاذهم نعجة -وقد تكون نعجة حمراء لكون عائشة تسمى الحميراء- يجعلونها عائشة ويعذبونها بنتف شعرها وغير ذلك، ويرون أن ذلك عقوبة لعائشة، ومثل اتخاذهم حلساً مملوءاً سمناً ثم يبعجون بطنه فيخرج السمن فيشربونه، ويقولون: هذا مثل ضرب عمر وشرب دمه.
ومن حماقاتهم: إقامة المأتم والنياحة على من قد قتل من سنين عديدة.
منهاج السنة النبوية 1/38-52
من مكايد الشيطان أنه يأمرك أن تلقى المساكين بوجه عبوس، كيف ذلك ولماذا؟
من مكايده: أنه يأمرك أن تلقى المساكين وذوي الحاجات بوجه عبوس ولا تريهم بشراً ولا طلاقة، فيطمعوا فيك، ويتجرؤوا عليك، وتسقط هيبتك من قلوبهم، فيحرمك صالح أدعيتهم، وميل قلوبهم إليك.
فيأمرك بسوء الخلق ومنع البشر والطلاقة مع هؤلاء ، وبحسن الخلق والبشر مع أولئك، ليفتح لك باب الشر ويغلق عنك باب الخبر.
إغاثة اللهفان 1/138