كشف الزعيم الاستقلالي أبو بكر القادري أن العلاقة بين الوطنيين والمجاهدين الفلسطينيين توطدت “خصوصا المجاهد الحاج أمين الحسيني والمجاهد محمد على الطاهر والمجاهد أكرم زعيتر أمد الله في عمره، وغيرهم كثير.
وزادت هذه العلاقة تلاحما وارتباطا بعدما تكونت منظمة “فتح” المجاهدة وأطلقت رصاصتها الأولى في فاتح يناير 1965، فلقد صادف الحال في ذلك الوقت أن عقد اجتماع للمجلس الوطني لحزب الاستقلال فتقرر فيه باقتراح من المرحوم الرئيس علال الفاسي أن يوجه برقية تأييد وتضامن لجماعة “فتح” المجاهدة، فكانت أول برقية تأييدية تصل إلى أبي عمار من البلدان العربية.
ويجب أن أسجل هنا بمداد الفخر والاعتزاز أن الرئيس علال كان على علم بإنشاء جماعة “فتح” قبل بروزها للعيان؛ بل إنه كان من الداعين إلى تكوين هذه الجماعة، وأنه كان له رمز حركي معها هو اسم “الوالد” كما أفصح عن ذلك المستشار السياسي للمجاهد ياسر عرفات الأستاذ هاني الحسن في الكلمة التأبينية التي ألقاها بالنيابة عن أبي عمار في الحفل التأبيني الكبير الذي أقيم بمسرح محمد الخامس بالرباط بعد وفاة الرئيس علال بأربعين يوما. ويشهد الأخ هاني الحسن في كلمته التأبينية المذكورة؛ أن مكتب المغرب العربي في القاهرة قبل تحرير المغرب، كان مكتبا للدفاع عن اضطهاد الطلبة الفلسطينيين، وأن علال الفاسي أخرج عددا من الطلبة الفلسطينيين اعتقلوا إثر مظاهرات قاموا بها في أوائل الخمسينات وأن بين أولئك الطلبة، كان الطالب ياسر عرفات[1].
لقد نشرت الصحف الوطنية المغربية وفي طليعتها جريدة “العلم” الغراء البيان الأول لقوات العاصفة الصادر بتاريخ فاتح يناير 1965 والذي جاء فيه (إلى شعبنا العظيم … إلى أمتنا العربية المناضلة … إلى الأحرار في كل مكان.
من شعبنا الصامد على الحدود، ومن ضمائر أمتنا المجاهدة، انبثقت طلائعنا الثورية المومنة بالثورة المسلحة طريقا للعودة والحرية لتثبت للاستعماريين وأذنابهم، وللصهيونية العالمية ومموليها، أن الشعب الفلسطيني ما زال في الميدان وأنه لم يمت ولن يموت…
إن وقف القتال سنة 1948 كان مؤامرة من “كلوب باشا” وقعت في فخها الحكومات العربية، وإن قرار التقسيم كان بدوره مؤامرة من مجلس الأمن؛ وأن الطريق الوحيد للإنقاذ هو طريق الجهاد العملي الذي فتحته جماعة “فتح”.
وهكذا لم نلتفت مطلقا لكلام المتقاعدين والمتخلفين، وساندنا المجاهدين مساندة غير مشروطة، وهكذا سارت حركة النضال الفلسطيني في الطريق الصحيح المحفوف بالمكاره، ولكنه المضمون النتائج إن شاء الله.
[1] انظر كلمة هاني الحسن في مجموعة الكلمات التي ألقيت بمناسبة ذكرى علال الأربعينية (ص: 22-23-24-25).