عام من السياسية المغربية.. داخليا وخارجيا محمد زاوي

 أولا: العلاقات الدبلوماسية

اتسمت الدبلوماسية المغربية، لسنة 2021، بصرامة معهودة بخصوص قضية الصحراء المغربية، إلا أنها كانت أشد هذه المرة. شرع المغرب في “وضع النقط على الحروف” مع ألمانيا بداية، ثم انتقل إلى إسبانيا بعد ذلك، فالجزائر مؤخرا.

– العلاقات المغربية الألمانية

استدعى المغرب سفريته في ألمانيا، زهور العلوي، للتشاور، في ماي الماضي. وكان السبب الرئيسي لهذا القرار ما أسماه المغرب “الموقف السلبي لألمانيا بشأن الصحراء المغربية”، وكذا “محاولة ألمانيا استبعاد المغرب من الاجتماعات الإقليمية حول ليبيا”.

ولم يكن ذلكبالتجلي الأول لتوتر العلاقات بين الرباط وبرلين، بل سبقه قطع المغرب لعلاقاته الدبلوماسية مع السفارة الألمانية بالمغرب، بداية شهر مارس، بسبب “خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية”.

وبقيت الأزمة بين البلدين على حالها، منذ ذلك الحين، إلى أن نوهت الخارجية الألمانية الجديدة، في بيان لها، يوم 14 من شهر دجنبر، بمقترح الحكم الذاتي الذي يتقدم به المغرب كحل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، معتبرة إياه “مساهمة مهم للمغرب في تسوية النزاع” حول الصحراء المغربية على حد تعبير بيانها.

وبدوره أثنى المغرب على هذه المواقف الألمانية الجديدة، وقالت الخارجية المغربية في بيان لها أنها “ترحب بالإعلان الإيجابي والمواقف البناءة لألمانيا، مما يتيح استئناف التعاون الثنائي وعودة سفارتي البلدين للعمل بشكل طبيعي”.

 

– العلاقات المغربية الإسبانية

تأزمت العلاقات المغربية الإسبانية، عام 2021، أكثر من أي زمن مضى؛ وذلك إثر استقبال إسبانيا للمدعو “إبراهيم غالي”، “رئيس جبهة البوليساريو”، بجواز سفر مزور باسم “ابن بطوش”، في 21 من أبريل الماضي.

تدفق نحو 8 آلاف مهاجر تجاه سبتة المحتلة، بين 17 و20 من ماي الماضي، الأمر الذي أربك الأمن الإسباني في سبتة، وأثبت أهمية ما يقدمه المغرب لإسبانيا من يد العون في هذا الصدد؛ وهو ما اعتبرته إسبانيا، على لسان وزيرة دفاعها مارجريتا روبلز “ابتزازا لإسبانيا واستغلالا للأطفال”.

يوم واحد بعد بداية تدفق المهاجرين نحو ثغر سبتة المحتل، أي في 18 ماي، استدعى المغرب سفيرته لدى إسبانيا، كريمة بنيعيش من أجل التشاور.

ورغم استدعاء محكمة إسبانية لوزيرة الخارجية المقالة، غونزاليسلايا، على خلفية ما يعرف بقضية “ابن بطوش”، إلا أن التوتر ما زال مستمرا بين البلدين، بقرينة أن سفيرة المغرب لم تعد بعد إلى إسبانيا.

 

– العلاقات المغربية الجزائرية:

لقد كان لواقعة “الكركرات” تأثير كبير على التصور القائم لدى الجزائر لعلاقتها بالمغرب، وخاصة بعد النجاح الذي أحرزه المغرب بتدخله لردع السلوكات الاستفزازية وغير المشروعية ل”البوليساريو” في المنطقة؛ إلا أن ما أثار حفيظة الجزائر أكثر من ذي قبل هو “دعوة الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة إلى حق سكان منطقة “القبايل” في “تقرير المصير”، في يوليوز 2021.

انتظرت الجزائر من المغرب تبريرا أو ردا على استيائها من تصريح عمر هلال، وهو ما لم تحصل عليه، فبادرت إلى قطع علاقاتها الدبلوماسية في 24 من غشت الماضي، الأمر الذي تأسف المغرب بشأنه في اليوم الموالي، أي في 25 غشت.

وبالإضافة إلى دعم الجزائر لـ”البوليساريو” طيلة قرابة نصف قرن من الزمن، عسكريا وماليا؛ وكذا استفزازها للمغرب في سيادته على صحرائه عبر وسائل إعلامها الرسمية؛ فقد سارعت إلى الإعلان عن “عدم تجديد عقد استغلال خط أنابيب الغاز الذي يمر عبر المغرب ناقلا الغاز الجزائري إلى إسبانيا”، في إطار ما اعتبرته ردا على تصريح عمر هلال بحق “القبايل” في “تقرير مصيرها”.

وبقي المغرب، كما كان، يمد يد الحوار والجوار للجزائر، من غير استعطاف لها فيما يرتكبه عسكريوها من حماقات، ومن غير التفريط فيما يعزز قدرته العسكرية على حماية سيادته ومصالحه العليا. وإذا كانت تتكئ على روسيا في تعزيز ترسانتها العسكرية، فإن المغرب يعتمد على حلفائه التقليديين، بالإضافة إلى آخرين جدد.

 

ثانيا: مستجدات الصحراء المغربية

حقق المغرب في هذا الملف، سنة 2021، انتصارات عدة، نذكر منها:

– تحرير معبر الكركرات:

كان ذلك في سنة 2020، واستمرت تداعياته وآثاره إلى السنة الموالية (2021)، حيث تمكن المغرب من تحرير “معبر الكركرات”، بعد إغلاقه على طريقة العصابات وقطاع الطرق من قبل أفراد من عصابات “البولويساريو”.

فتدخل المغرب بقواته المسلحة الملكية، يوم الجمعة 13 نونبر 2020، “في احترام تام للسلطات المخولة له”، و”بالتزام لأكبر قدر من ضبط النفس… من أجل وضع حد لهذه العرقلة وإعادة إرساء حرية التنقل المدني والتجاري”.

وفي الوقت الذي اتخذت فيه “البوليساريو” من هذه الواقعة فرصة لمحاولة الخروج من أزمتها بإعلان الرجوع إلى ما قبل “وقف إطلاق النار”، فقد أعلن المغرب تشبثه ب”وقف إطلاق النار” وبالمسار الأممي لإيجاد حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

 

– الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء:

فقد أعلن الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يوم الخميس 10 دجنبر 2020، عن اعتراف البيت الأبيض بسيادة المغرب على صحرائه. وهو الاعتراف الذي منح المغرب قوة تفاوضية أكبر في الأمم المتحدة، وفي علاقته بمختلف دول العالم.

وكان هذا الحدث من أهم الأحداث التي عرفها ملف الصحراء المغربية، إذ لا يقل أهمية عن المسيرة الخضراء (1975)، ولا عن وقف إطلاق النار وتوقيع الهدنة بين المغرب و”البوليساريو” (1991).

ورغم الشكوك التي رافقت تغير الإدارة الأمريكية، ومدى تأثير ذلك على اعتراف ترامب بمغربية الصحراء، إلا أن الإدارة الأمريكية الجديدة حافظت على هذا الاعتراف مؤكدة ذلك أكثر من مرة.

– قرار مجلس الأمن رقم 2602 حول الصحراء المغربية:

حيث صوت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار لتجديد بعثة “المينورسو” لسنة إضافية، ب 13 صوتا لصالح القرار، فيما امتنعت كل من روسيا وتونس عن التصويت.

وقد انتصر القرار للمغرب بكونه دعا إلى “تحقيق حل سياسي واقعي وعملي ودائم ومقبول للطرفين”، كما دعا إلى “استئناف المفاوضات بإشراف المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بدون شروط مسبقة وحسن نية”؛ الأمر الذي اعتبره وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة تأكيدا لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب عام 2007.

 

ثالثا: سقوط “الإسلاميين” وتعيين حكومة أخنوش

لم يكن أكثر المتابعين تشاؤما يتوقع أن يسقط حزب العدالة والتنمية ذلك السقوط المدوي في الانتخابات التشريعية لـ 8 شتنبر، فكان سقوط “الإسلاميين الإصلاحيين” أكثر من مفاجئ، بعد عشر سنوات من تولي المسؤولية الحكومية.

خلافات داخلية، وقيادة ضعيفة الخطاب والممارسة السياسيين، ومرحلة سياسية لخمس سنوات الأخيرة بدون شعار سياسي واضح… الخ؛ عوامل وغيرها أدت إلى سقوط الإسلاميين في 8 شتنبر.

أما نتائج الانتخابات فقد تقاسمت أغلب مقاعدها أحزاب: “التجمع الوطني للأحرار” في المرتبة الأولى، و”الأصالة والمعاصرة” الذي حل ثانيا، فيما حل “الاستقلال” ثالثا، أما “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” فقد حل رابعا في هذا الترتيب.

وبناء على تصدر “الأحرار” لانتخابات 8 شتنبر، فقد عين الملك محمد السادس عزيز أخنوش رئيسا للحكومة وكلفه بتشكيلها، يوم الجمعة 10 شتنبر 2021. وفي 7 أكتوبر 2021، عين جلالته الحكومة الجديدة التي تتكون من 25 وزيرا، بعد المشاورات التي جمعت أخنوش بالأحزاب، والتي أفرزت أغلبية حكومية تتكون من “الأحرار” و”البام” و”الاستقلال”.

وكان من شأن النتائج “المؤلمة” لحزب “العدالة والتنمية” في انتخابات 8 شتنبر، كما وصفها عبد الإله بنكيران، أن تحدث نقاشا قديما-جديدا داخل الحزب، والمقصود به نقاش “تراجع موقع الحزب ومكانته بعد تولي العثماني وتياره لزمام القيادة”. نقاش كان مؤداه أن ينتخَب عبد الإله بنكيران، بأغلبية ساحقة، أمينا عاما للحزب من جديد.

وفضل بنكيران مباشرة مساره الجديد بالتأكيد على ضرورة التشبث بالمرجعية والملكية والقضايا الوطنية، وكذا بالدعوة إلى عدم الانسياق وراء معارضة “الجوقة”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *