صفات أعضاء المجتمع الإسلامي بقلم: الشيخ محمد المكي الناصري

تحدث كتاب الله عن أعضاء المجتمع الإسلامي رجالا ونساء، وحدد الصفات البارزة التي يجب أن يتميز بها أعضاء هذا المجتمع المثالي المهذب؛ فقال تعالى: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.

وطبقا لهذه الآية الكريمة يكون على كل عضو من أعضاء المجتمع الإسلامي أن يستوفي عشر صفات:

الصفة الأولى: صفة الإسلام، وهذه الصفة تقتضي الانقياد التام للتوجيه الإلهي، والعيش في ظله وتحت رعايته، في سلام وانسجام

الصفة الثانية: صفة الإيمان، وهذه الصفة تقتضي التصديق بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر، بكل ما جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين عن رب العالمين، تصديقا جازما عن علم ويقين.

الصفة الثالثة: صفة القنوت، وهذه الصفة تقتضي القيام بالطاعة في حالة اطمئنان وسكون، والمداومة عليها إلى جانب غيرها من الشؤون.

الصفة الرابعة: صفة الصدق، وهذه الصفة تقتضي التحري في قول الحق، والإخلاص في النية والعمل، والوفاء بالعهود والعقود، وعدم تعدي الحدود.

الصفة الخامسة: صفة الصبر، وهي تقتضي الصبر عن المعاصي والخصال الذميمة، وذلك بالابتعاد عنها وعدم تناولها، والصبر على الطاعات والخصال الحميدة، وذلك بالتمسك بها وعدم إهمالها، والصبر عند مفاجآت الأقدار، وذلك بعدم السخط من أجلها، وعدم الاعتراض على الله فيها.

الصفة السادسة: صفة الخشوع، وهذه الصفة تقتضي انكسارا في النفس، وسكينة في القلب، وسكونا في الجوارح.

الصفة السابعة: صفة التصدق، وهذه الصفة تقتضي الإحسان إلى القادر على الكسب، متى كان في وقت معين لا كسب له، والإحسان إلى العاجز عن الكسب، ما دام لا كاسب له، وتشمل الصدقة بالفرض والنفل، وتتسع أحيانا فتشمل الصدقة بالنفس، علاوة على الصدقة بالمال.

الصفة الثامنة: صفة الصيام، وهذه الصفة تتحقق بصيام الفرض كرمضان، وصيام النفل كصيام عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، وتتسع أحيانا فتشمل الإمساك عن كل ما هو مرذول شرعا من الأقوال والأفعال.

الصفة التاسعة: صفة العفة في العلاقات الجنسية، وهذه الصفة تقتضي التحرز من الوقوع في المآثم والمحارم التي تشوه هذه العلاقات، مما لا يقبله الشرع الحكيم، ولا يرضى عنه العقل السليم، وتستلزم الاقتصار على ما هو موافق للشرع، وملائم للطبع.

الصفة العاشرة: صفة الذكر، وهذه الصفة لا تقتصر على ذكر الله باللسان، بل تقتضي ذكره وحضوره في الذهن والقلب والخاطر باستمرار، وبذلك تكون مراقبة العبد لربه في تصرفاته متصلة دون انقطاع، لا في الليل ولا في النهار. ومن ذكر الله قراءة القرآن، والاشتغال بالعلم النافع لبني الإنسان.

فمن استوفى مجموع هذه الصفات، التي يعود نفعها على الغير كما يعود نفعها على الذات، كان أهلا لأن ينال مغفرة الله وثوابه، وأمن في الآخرة عذابه، ومن استوفى بعضها دون بعض كان له من الثواب بقدر ما استوفاه، وآخذه الله بما أهمله واتبع فيه هواه.

ويلاحظ أن كتاب الله عندما عرض هذه الصفات لم يذكر في الثمانية الأول متعلق أي صفة، بينما ذكر المتعلق في الصفتين الأخيرتين، إذ قال تعالى: {وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ}، ففي ذكر متعلق {وَالْحَافِظِينَ}، تنبيه إلى أخطار الشهوة الغالبة، ومكانها الذي يجب الحرص على صونه وحفظه من طرف الرجال والنساء، تجنبا للوقوع في الحرام، وبعدا عن العدوان والاعتداء، وفي ذكر متعلق {وَالذَّاكِرِينَ}، تنبيه إلى أن الذكر ينبغي أن يكون بالاسم الأعظم وهو ” الله ” إذ هو الاسم العلم المحتوي على جميع صفات الحق سبحانه وتعالى، فمن ذكره بهذا الاسم كان كمن ذكره بجميع صفات الكمال، واستحضر في ذكره صفات الجلال وصفات الجمال.

وقوله تعالى: {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ}، عاد الضمير فيه على المسلمين والمسلمات، وما عطف عليهما، طبقا للتغليب المتبع في الأسلوب العربي عند اجتماع الذكور والإناث. [مصدر المقالة: التيسير في أحاديث التفسير (5/ 131)].

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *