من المتفق عليه بين جميع المذاهب سواء السنية منها أو غيرها أن “اللواط” أو شذوذ جنسي أو المثلية خروج عن فطرة الإنسان السليمة، وفاحشة توجب العقاب الدنيوي والأخروي إذا لم ينته عنها صاحبها ويتوب توبة نصوحا بشروطها المقررة في الشرع.
والعلاقة الجنسية التي تجمع بين الرجال تسمى لواطا، وبين النساء تسمى سحاقا، وفي كتب الفقه الإسلامي نجد فقهاءنا يطلقون عليها اسم الفاحشة، ومنهم من يسميها: اللواط، نسبة لفعل قوم لوط، مع كراهة بعضهم لهذه التسمية حتى لا يقترن اسم نبي الله لوط بهذه الجريمة النكراء، كما أطلق عليه مصطلح: الشذوذ، ثم “المثلية”، وعلى اختلاف التسميات فهو في القرآن والسنة يسمى فاحشة، أو حراما.
وتعتبر هذه الفعلة حسب علماء الشريعة كبيرة، وخطيئة وجريمة توجب العقاب والمحاسبة لكل أطرافها المشاركين فيها.
وقد ذكر القرآن الكريم قصة “قوم لوط” الذين لم يسبقوا بهذه الفاحشة، وما نزل بهم من غضب من الله لأنهم وحسب معظم المفسرين شاركوا بأفعال جسدية “شهوانية” بين الرجال.
وقد قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الجواب الكافي: “وَلَمَّا كَانَتْ مَفْسَدَةُ اللِّوَاطِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَفَاسِدِ؛ كَانَتْ عُقُوبَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْعُقُوبَاتِ…”.
القرآن الكريم وفاحشة اللواط
في معرض سرد قصة نبي الله لوط الذين أتوا هذه الفاحشة ولم يسبقوا بمثلها من قبل تحدث القرآن الكريم عن اللواط “المثلية والشذوذ” بين ذكرين، وسماها الفاحشة، قال تعالى في سورة الشعراء: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ﴾ [26:165] والآية ﴿وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ﴾ [26:166] وفي سورة الأعراف، الآية: ﴿وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ﴾ [7:80] والآية : ﴿إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ﴾[7:81]، وقال عز وجل: (ولوطًا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون) النمل: 54.
وقد سمى القرآن الكريم الزنا كذلك بالفاحشة، فقال تعالى: (ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلًا) الإسراء: 32، وهذا فيه رد على المنظرين من دعاة الشذوذ الذين يدعون أن فعل قوم لوط كان غير المثلية الجنسية، وأن سبب تعذيبهم هو قطع الطريق وليس الفعل الفاحش، وهذا فيه تحريف واضح لصريح الآيات القرآنية في تسمية الفعل بالفاحشة.
السنة وفاحشة اللواط
لم يرد في القرآن الكريم عقوبة صريحة عن هذا الفعل في الدنيا، لكن السنة المشرفة أوردت مجموعة من الأحاديث تحكم على مرتكب هذا الفعل الفاحش بحد الإعدام، وهذا جعل الصحابة يتفقون بالإجماع على أنّ عقوبة الإعدام هي الحكم على الرجال الذين يفعلون الفاحشة معاً، مع اختلافهم في طريقة الإعدام. على أن يطبق هذا الحكم ولي الأمر بعد ثبوته.
العلماء واللواط
يرى علماء الشريعة الإسلامية أي نشاط جنسي من نفس الجنس على أنه جريمة تخضع للعقاب وينظر له على أنه خطيئة، على الرغم من عدم وجود عقوبة محددة جرى الاتفاق عليها، إلا أن ذلك، عادةً ما يتم تركه لتقدره السلطات المحلية حسب الشريعة الإسلامية.
وحد اللائط عند السادة المالكية والحنابلة في أظهر الروايتين عن أحمد: هو الرجم بكل حال، سواء أكان ثيباً أم بكراً، لقوله عليه السلام: “من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به” وفي لفظ: “فارجموا الأعلى والأسفل”. (المنتقى على الموطأ: 142/7، القوانين الفقهية: ص355).