بعد خروج الأمة الإسلامية من “طريق التمكين”، والتوقف بسبب أعطاب ترجع إلى التفريط في الدين والدنيا معا، كرَّ عليها المتربصون من أعدائها، فاحتلوا أرضها، ونهبوا خيراتها، ثم خرجوا ظاهرا، وتركوها “محبوسة” في “كمين” التبعية الثقافية والسياسية والاقتصادية، وكان لابد من أن تحاول الأمة الإسلامية العودة إلى ذاك “الطريق” والخروج من هذا “الكمين”، وقد تعددت مقترحات المصلحين والمجددين، وكان منها ما يتعلق بالفرد، ومنها ما تعلق بالمجموع، ومما يؤثر النظر فيه، البدء بتصحيح الدخول الأول، وهو الدخول على الله تعالى برسم العبودية والخضوع والإسلام، فكانت الصلاة أول ما ينبغي أن يبدأ به، فإذا صلحت وحسنت، صلح وحسن حال الفرد، ثم المجموع، وإذا أقيمت أقام الله أمر الأمة ومكنها.
الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
جعل الله تعالى الصلاة محلا للتزود بحال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يحصلها المصلي، فإذا خرج بالسلام، كان قد امتلأ قلبه بالعزم على “التنزيل”، فبادر عند القيام منها إلى الشروع في توظيف الحال أمرا ونهيا، نصحا وتوجيها، وهو عائد إلى بيته، أو عمله، بل قبل ذلك في “الطريق” إلى كل ذلك. فإن الله تعالى قال: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي…وإنما حديثي عن الصلاة المقامة كما أمر الله، وكما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الصلاة والزكاة
لن يعدم الناظر في كتاب الله تعالى الشواهد على تعلق الصلاة بالزكاة في آي كثيرة، وقد لا يخفى ما بينهما من “الاشتراك”، وأول ذلك أنهما محلان “للزكاء”، أما الزكاة فقريبا يطابق اللفظ المعنى، وأما الصلاة فالمطابقة مضمنة، فالصلاة صلة العبد بربه، والخارج منها مستزيد ولابد، في سجودها طلب وسأل ودعا، وكل ذلك طريق لتحصيل الطهارة…والزكاء، بل إن قيل إن المطابقة بين الزكاة والصلاة حاصلة، ففيها “شكر” الله تعالى في القراءة والركوع والسجود، والله تعالى يقول: ولئن شكرتم لأزيدنكم، والزكاة الزيادة.
الصلاة والصبر
مما لا تخطئه عين المتأمل، أن “الصاد” جمَّاعة للفضائل، فهاكم “الصلاة” و”الصدقة” و”الصيام” و”الصبر” و”الصفاء” و”الصلاح”، وكلها دائرة حول نقطة واحدة، انجمعت لها الصاد، فالصلاة صيام عن الطعام والشراب والجماع على هيئة صيام اليوم، وصيام عن الكلام نافلة، ومعه الصيام عن الدنيا وما فيها إلا لمما للحاجة، وهي صبر على الوضوء والقيام، وصفاء في المناجاة والخشوع، وصلاح للحال وإقامة للميل وتطهير من الدرن، وهي صدقة على النفس وتصديق لدعوى الإسلام والاستسلام لله.
الصلاة والتوحيد
أما التوحيد، فعمود الفسطاط فيها، بل أس الدار، يبدأ المؤمن صلاته بالتكبير، ويسبح العظيم الأعلى، ويتشهد الشهادتين، ووراء كل ذلك فإنه قاصد إلى القيام بين يدي خالقه، آيل إلى الركوع والسجود تذللا لمدبر أمره، مخلصا التوجه إلى قبلته، يشير بأصبعه موحدا، ويكثر من تعظيم ربه وتنزيهه، ثم يعمد إلى الأرض يمرغ فيها أنفه، ويدخل في حالة الطلب داعيا متقربا، يسجد ويقترب، وحري به في ذلك الحال أن يستجاب له، فإنه أقرب ما يكون من مالك الملك.
التراويح والترويح
يؤم الناس المساجد في رمضان خاصة ليلا راغبين في صوت حسن يزين القرآن، ويعينهم على التدبر والدخول في حال الفناء عما حولهم، والتفرد بالاتصال بالله اتصال مستكينين مستجيرين، يصلون التراويح، تراويح تروح عن هذه الأمة ما بلغوه من الجهد بسبب تكالب الأمم عليها، تسترد عافيتها، وتستعيد أنفاسها، في صفوف كأنها معركة وملحمة، فمِن باكٍ ومن سائل ومن مبتسم متعجب، والجميع يستمتع، وحولهم، رجال ونساء بذلوا الوقت والمال والنفس لإعداد المصليات، وسقاية الحجاج إلى المساجد، وتمكين الصوت في آذانهم بأجهزة وآلات، وها هي الدولة المسلمة، وها هو عمقها المجتمعي، وانظر إلى متابعات العالم لما يجري، واستحضر نظرات العدو وهو يعد الناس عدا، ويتخيل أن لو استردت الأمة عافيتها.
التعليم والتربية
الصلاة سيدة المساجد، كذلك الأمر منذ أول مسجد، ولها رفيق قديم يسمى “التعليم”، ارتفع به قدر المسجد، فتزين بحلقاته، وطربت جدرانه بأصوات المقرئين والمدرسين، هكذا كان الأمر، فالصلاة سيدة، والتعليم مرافق، وماذا عن المدرسة والمؤسسات التعليمية، والتي يكون فيه التعليم سيدا، أليس من اللائق بل الواجب أن تكون الصلاة رفيقه فيها، فيكون للتلاميذ مساجد داخل هذه المؤسسات، فهذه بتلك، ومن هنا يبدا الإصلاح والصلاح، ومن هنا يبدا الخروج من “الكمين” إلى “التمكين”.
الصادات: الصلاة، الصوم، الصدقة، الصفاء، الصبر، الصدق والصلاح.
الصلاة، المواطنة والدولة
المجتمع: المسجد الجماعات اليومية والأسبوعية والسنوية
ضبط مواعيد الناس بالصلوات الخمس
الدولة: إقامة الإمام للجماعات والجمعات والأعياد، المسجد أول حاضر في دولة الإسلام، المساجد في الثكنات والإدارات
الصلاة والتعليم
تعليم الصلاة.. منذ الصغر
الصلاة تعليم، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتعليم الدخول في حالة الصفاء والهدوء، وتعليم الانضباط بالصفوف
التعليم والصلاة، التعليم مصاحب للصلاة في محلها وهي المساجد، وكذلك ينبغي أن تصاحب الصلاة التعليم في محل التعليم وهي المؤسسات التعليمة والتربوية
الصلاة وأركان الإسلام، هناك تداخل وتوافق بينها، فيدخل بعضها في بعض، توحيد واتباع، هي صوم عن غير الله، [القرآن قدر مشترك بين الصلاة والصوم] زكاء للنفس، حج إلى الله.
تنبيهات على أخطاء، المباعدة في الصفوف، الجري للحاق الإمام، عدم وضع اليمنى على اليسرى على الصدر في الصلاة،
كيف يعقل أن يصام رمضان من غير المصلي، كما لا يعقل العكس، ومثلها رجل ذهب للحج وهو لا يصلي، ومثل هذا من يصلي في رمضان ولا يصلي في غيرها، ما السبب، هل هو نظرة “العادة” لا “العبادة”؟
صلاة التراويح، الأصل فيها الانفراد لمن يحسن القراءة، فهو أدعى لتحصيل الخضوع وأفضل القيام الليلي في آخره وهو الثلث الأخير، وبعض الناس يصلي القيام بعد العشاء مباشرة، ويكتفي بها عن قيام آخر الليل.
وينبغي الانتباه لكون البحث عن الأصوات الحسنة ينبغي ان يكون مرفقا بالحرص على تدبر ما يسمع، لان هذا هو فائدة الصوت الحسن
السهر ليلا، ومتابعة المسلسلات الرمضانية والأفلام والسهرات المسماة دينية، أو السهر في المقاهي…لأن الانشغال بهذه الأمور يكون ناتجا عن اعتبار الصيام نوعا من الفعل الممل والأمر الضيق الذي يحتاج إلى ترفيه وتوسعة بعده، وهذا خطأ.