تعتبر العطلة الصيفية فرصة للراحة المشروعة ووقت للاستجمام المأذون وفرجة يبتعد من خلالها الإنسان عن ملل الحياة وسأم الدراسة أو الوظيفة وما فيها من زحام ونصب، وعلى ذلك أصبحت الإجازة الصيفية هاجسا يؤرِّق مضاجع شتى صنوف فئات المجتمع من آباء وأبناء على السواء. ولكي تكون هذه العطلة مفيدة لنا ولأبنائنا لابد أن نحرص على أن تكون نافعة لهم ومنمية لقدراتهم ومهاراتهم.
الأبناء أصحاب طاقات هائلة وفياضة، ويَجب تصريفها فيما يفيد، وبالإمكان تحقيق ذلك إذا قمنا بنشْر ثقافة الوعي بأهمية استثمار العطلة الصيفية قبل بدئها فيما بينهم، والمجتمع بأسره مسؤول عن التوعية هنا، بدءا من الأُسرة، فالصحبة الصالحة، مرورا بالمعلمين وأساتذة الجامعة، وأئمة وخطباء المساجد، وانتهاء بوسائل الإعلام بمختلف أشكالها: المقروءة والمرئية والمسموعة.
هذه مسؤولية الجميع؛ فواجب الدَّولة تبني ودعْم المؤسسات والمراكز الصيفية ماديا ومعنويا، فمِثْل هذه المراكز تخلق لنا أجيالا مسؤولة، تخدم الوطن، وتبْني مستقبله، وتَحميهم من الأفكار الضالَّة، وتبعدهم عن الانْحرافات المؤْذية لهم ولأُسرهم وأوطانهم.
أمَّا واجب أوْلياء الأمور والمربين، فيتمثل في تنمية حس المسؤولية تِجاه الزمن، والحرص على الوقت لدى أبنائهم، فوقت العطلة قصير، قياسًا إلى وقت الدراسة طوال عام؛ ولهذا يُفْترض استثمار كل دقائقها بما يفيد. ولما بحثت عن طرق لتنظيم العطلة الصيفية وجدت أن أفضل طريقة هي طرح الخطوط العريضة من طرق الاستفادة من العطلة الصيفية، بـ:
أوَّلاً: نشاطات فكرية ثقافي:
لإثْراء المخزون العقلي، وتوسيع المدارك المعرفية؛ كمطالعة الكتُب النافعة، وقراءة القصص والرِّوايات المسلية، والمجلات العلمية والأدبية المتخصِّصة والصُّحُف، وتصفح المواقع المفيدة على الإنترنت، ومشاهدة البرامج الوثائقية على التلفاز، والمشاركة في المسابقات الثقافية والألعاب الفكريَّة، وزيارة المكتبات العامَّة ومعارض الكتاب المقامة، وحضور النَّدوات والمحاضرات، والمناظرات الثَّقافيَّة والأمسيات الشِّعرية.
ثانيًا: نشاطات رياضيَّة بدنية
كصعود الجبال، ولعِب كرة القدَم وكرة السلَّة، وكرة الطَّائرة والسباحة في البَحْر، ورياضات الدفاع عن النَّفس، والتَّسجيل في النَّوادي والصالات الرياضيَّة؛ حيث تُساعد مثل هذه الرياضات على النُّمو الجسدي، وتعزيز روح التَّعاون والجماعة بين الشَّباب.
رابعًا: نشاطات اجتماع:
تعمل على تعزيز أواصِر المحبَّة والإخاء، وتقْوية العلاقات والرَّوابط الاجتماعيَّة الَّتي تحُول أيَّام الدِّراسة بينها وبينهم؛ كزِيارة الأهْل والجيران، واكتساب صداقات جديدة، وعيادة المرْضى في المستشفيات، والقيام بالرِّحلات الجماعيَّة، وحضور حفلات الزَّواج.
خامسًا: نشاطات تطوعية خيرية
تعمل على تنمية روح الانتِماء والمبادرة؛ كالعمل الخيْري في المؤسَّسات والدُّور الخيريَّة؛ لمساعدة الفُقراء والمحتاجين والأيتام، وبثِّ الأمل في نفوسِهم، ورسْم البسْمة والضَّحكات على شفاهِهم، والمشاركة في حَملات التبرُّع بالدَّم، والمشاركة في مُختلف البرامج التطوعيَّة الَّتي تنفِّذها المؤسَّسات الحكوميَّة والأهليَّة.
سابعًا: نشاطات دعوية دينية
كالالتِحاق بحلقات تحفيظ القُرآن، وحضور مجالس الذِّكْر والنَّدوات واللِّقاءات، والمحاضرات الدينيَّة والدَّورات العلميَّة في الفقه والحديث، والسيرة النبوية، وأحكام التَّجويد والتلاوة.
ثامنًا: نشاطات علمية تقنية
كتعلُّم اللغات والحاسوب والإنترنت، وبرامج التَّصميم المتنوِّعة، وزيارة المتاحف ومراكِز العلوم والتكْنولوجيا، وحضور معارض الحاسوب والإنترنت وتقنية الاتِّصالات المقامة في البلد، وإنجاز الأبحاث والاختِراعات العلميَّة.
تاسعًا: نشاطات بيئية تنموية
كالعمل على تنظيف الشَّوارع والطُّرُق والحدائق العامَّة، والمساجد والمقابر، وضفاف الأنْهار وشواطئ البِحار، وغرْس النَّخيل والأشْجار، والمشاركة في مراكز التَّنمية والحفاظ على البيئة، وزيارة المحميَّات والمتاحف البيئية.
عاشرًا: نشاطات فنية جمالية
تعمل على تَهذيب الوجْدان والذَّوق العام، وتغذية المشاعر الإنسانيَّة وتنمية الحسِّ الجمالي؛ كالرَّسم والتَّلوين، والفنِّ التَّشكيلي والزَّخرفة والخطِّ العربي، والتَّصوير الضوئي وحضور المعارض والوِرَش الفنية، والعروض المسرحية الهادفة والملتزمة.
حادي عشر: نشاطات سياحية
من خلال السفر المباح، واكتِشاف المدُن والقرى، والمواقع الأثريَّة داخل البلد أو خارجه، وللتَّعارُف بين الشعوب.
ثاني عشر: نشاطات مهارية
وهي النَّشاطات المخصَّصة لتطْوير الذَّات، ورفع الكفاءات، وزيادة القدرات، من خلال حضور الدَّورات التدريبيَّة والتَّأهيليَّة المتخصِّصة؛ كدوْرات العصْف الذهني، وفنِّ القِيادة، والتَّفكير الإبداعي، وحلِّ المشكِلات، وبناء الثِّقة بالنفس، وغيرها.