من “مؤمنون بلا حدود” إلى مركز “تكوين” (ع.إ)

ما يزال المهتمون بمحاربة ارتباط الشعوب العربية والإسلامية بمرجعيتهم الدينية والحضارية، يخططون في كل وقت وحين لخلق طرق تفصل بين المسلمين وعناصر مرجعيتهم الإسلامية. وفي هذا الصدد تابعنا جميعا كيف كانت مؤسسة مؤمنون بلا حدود سواء في الأردن أو تونس أو المغرب تصول وتجول بفكرها الحداثي المتوهم لتفكيك النص الديني. والآن يطل علينا مثقفو التبعية الحديثة بمركز تكوين لنشر أفكارهم التفكيكية بكل وضوح.

اتفقت مجمل الآراء على أن الأزمة الحقيقية في مركز تكوين بمصر، تكمن في تكوينه، إذ يتشكل مجلس أمنائه من أسماء مثيرة للجدل، وهو ما يشكل معضلة ونفورا بالنسبة للمنتقدين. إذ يضم المركز 6 أعضاء يشكلون مجلس أمناء المؤسسة وهم: الإعلامي إبراهيم عيسى، وإسلام بحيري، ويوسف زيدان، والكاتبة التونسية ألفة يوسف، والباحث السوري فراس السواح، والباحثة اللبنانية نايلة أبي نادر.

وقد اشتهرت هذه الأسماء مؤخرا بمواقف مثيرة للجدل، فأحدهم سخر من قراءة صيدلي للقرآن في محل عمله، وأخرى سخرت من شعيرة الأضحية باعتبارها عملا غير إنساني، فيما اعتبر آخر نفسه أهم من عميد الأدب العربي طه حسين، كما سبق أن أبدى أحدهم عدم فهمه للغة العربية.

وتساءل متابعون عن سر البذخ المصاحب لحملة الافتتاح، والتي اعتبروا أنها لا تتناسب أبدا مع ادعاءات أعضائه بأن تمويل المركز ذاتي ومفتوح للمساهمات من الداعمين للفكر، بيد أن الإعلامي إبراهيم عيسى أعلن خلال الافتتاح أن “المركز يحظى برعاية الدولة المصرية” دون تحديد لاسم المؤسسة الداعمة.

وأعلن وكيل الأزهر السابق والمشرف على الفتوى عباس شومان في حسابه على منصة “فيسبوك” أن الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تتابع ما ينشر عن مركز تكوين، وستتخذ ما يلزم “بعد الوقوف على الحقيقة”. فيما وصف أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر عبد المنعم فؤاد المركز بـ”التكوين والتحالف الشيطاني”، مؤكدا انتظار نتائج التحقيق.

ففي لقاء جمع عددا من الطلبة المغاربة مع الشيخ أحمد الريسوني، سُئل عن منظمة “مؤمنون بلا حدود” ليبدأ هجومه المكثف واصفا إياها بأنها “تبدأ بالإيمان لتنتهي بالإلحاد”، وليحذر مما وصفه بـ “الدور الخطير الذي يمكن أن تقوم به”. لم يكتف الريسوني بنقد المؤسسة وفكرها، بل دعاها للاعتذار عن دعوته للمشاركة في فعاليتها.

وبعيدا عن اللوبي المؤسساتي الذي تدور المؤسسة في فلكه، لقد كانت مؤسسة مؤمنون بلا حدود تقدم القراءات الحداثية التي تقرأ وتعرض بها الوحي والتراث. خاصة التوجه المغرض لأنسنة الدين وإعادة رسمه في صورة حداثية مُعلمنة، وقراءة التراث الإسلامي بصورة مدنية لتفريغه من إمكانية الاستلهام في الوضع الراهن. وهو الخط الذي يظهر أن مثقفي “مركز تكوين بمصر يسيرون عليه بوفاء.

عكف مركز تكوين ومؤسسة مؤمنون بلا حدود، إذا على إعادة تصدير الإسلام وفق الرؤية “الحداثية” بهذه الطريقة، وعملوا على تبني نشر منهجية التعامل الحداثي مع النصوص الشرعية. وهو ما يجعل، بجانب علامات الاستفهام التي تطال المشروعين فيما يختص بالتمويل، علامات استفهام جديدة تُصوب تجاه المحتوى الثقافي والديني اللذان يعملان على نشره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *