هذه القاعدة ذكرها شيخ الإسلام رحمه الله عند مسألة ذكر الصلاة على غير النبي عليه الصلاة والسلام واحتجاج الرافضي بترك أهل السنة لها ومنع ذلك لما اتخذت الرافضة ذلك في أئمتهم، وأن ذلك قول بعض أئمة الحنفية..
قال الشيخ رحمه الله بعد كلام طويل: “وكذلك أبو حنيفة مذهبه أنه يجوز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وهذا هو المنصوص عن أحمد في رواية غير واحد من أصحابه، واستدل بما نقله عن علي رضي الله عنه أنه قال لعمر رضي الله عنه: “صلى الله عليك”، وهو اختيار أكثر أصحابه كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وأبي محمد عبد القادر الجيلي وغيرهم، ولكن نقل عن مالك والشافعي المنع من ذلك وهو اختيار بعض أصحاب أحمد، لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “لا تصلح الصلاة من أحد على أحد على غير النبي صلى الله عليه وسلم”، وهذا الذي قاله ابن عباس رضي الله عنه قاله والله أعلم لما صارت الشيعة تخص بالصلاة عليا دون غيره ويجعلون ذلك كأنه مأمور به في حقه بخصوصه دون غيره، وهذا خطأ بالاتفاق، فإن الله تعالى أمر بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بالصلاة عليه وعلى آله، فيصلي على جميع آله تبعا له، وآل محمد صلى الله عليه وسلم عند الشافعي وأحمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة، وذهبت طائفة من أصحاب مالك وأحمد وغيرهما إلى أنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وقالت طائفة من الصوفية إنهم الأولياء من أمته وهم المؤمنون المتقون، وروي في ذلك حديث ضعيف لا يثبت، فالذي قالته الحنفية وغيرهم أنه إذا كان عند قوم لا يصلون إلا على علي دون الصحابة فإذا صلى على علي ظن أنه منهم، فيكره لئلا يظن به أنه رافضي، فأما إذا علم أنه صلى على علي وعلى سائر الصحابة لم يكره ذلك.
وهذا القول يقوله سائر الأئمة فإنه إذا كان في فعل مستحب مفسدة راجحة لم يصر مستحبا، ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم، فلا يتميز السني من الرافضي ومصلحة التميز عنهم لأجل هجرانهم ومخالفتهم أعظم من مصلحة هذا المستحب، وهذا الذي ذهب إليه يحتاج إليه في بعض المواضع إذا كان في الاختلاط والاشتباه مفسدة راجحة على مصلحة فعل ذلك المستحب، لكن هذا أمر عارض لا يقتضي أن يجعل المشروع ليس بمشروع دائما..” منهاج السنة النبوية 2/137.