مسائل تتعلق بقضاء المرأة للصيام

عامة النساء يفطرن أياما من رمضان بسبب دم الحيض، لما تقرر شرعا من أن الحائض لا تصلي ولا تصوم.
وبعضهن يجهلن حكما آخر؛ وهو وجوب قضاء تلك الأيام، أي صيامها بعد رمضان، وقد ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرنهم بقضاء الصيام دون الصلاة.
وفي هذه المقالة مسائل أخرى تحتاج المسلمة إلى معرفتها:
المسألة الأولى: القضاء واجب على التراخي:
إذا أفطرت المرأة ثم أرادت قضاء تلك الأيام التي أفطرتها، فهل يجب أن يكون قضاؤها على الفور، أم يجوز لها تأخيره ولو إلى ما قبل رمضان الآخر؟
عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان يكون علي الصوم من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان»
قال العلامة ابن حجر: “وفي الحديث دلالة على جواز تأخير رمضان مطلقا سواء كان لعذر أو لغير عذر.. فلولا أن ذلك كان جائزا لم تواظب عائشة عليه”.
المسألة الثانية: لا يشترط التتابع في القضاء
قال ابن عباس: «صم كيف شئت؛
يقصد رضي الله عنه أن الآية مطلقة لم تقيد بالتتابع، والأصل العمل بالمطلق على إطلاقه حتى يثبت المقيِّد.

المسألة الثالثة: إذا شرعت في قضاء يوم، هل يجوز لها إفطاره؟
الجواب: نعم؛
عن أم هانئ رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابا فناولها لتشرب، فقالت: إني صائمة ولكن كرهت أن أرد سؤرك، فقال: «إن كان قضاء من رمضان فاقض يوما مكانه، وإن كان تطوعا فإن شئت فاقض وإن شئت فلا تقض»
قال العلامة الشوكاني رحمه الله: “وفيه دليل على جواز إفطار القاضي ويقضي يوما مكانه”.
المسألة الرابعة: من ماتت وعليها صيام أيام من رمضان هل يقضى عنها؟
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليُّه».
ظاهر هذا الحديث أن الولي يصوم عن وليه ما عليه من قضاء رمضان، وبهذا قال جماعة من العلماء، وذهب جمع من الأئمة كأحمد و أبي داود إلى أن هذا الحديث إنما هو في صيام النذر، وهو الصحيح إن شاء الله لسببين اثنين:
الأول:ما تقرر في قواعد الشريعة وأصولها من أنه لا يتحمل عبد عن أخر فريضة فرط فيها حتى مات:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: «لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد».
الثاني: أن هذا ما فهمه الصحابة من الحديث ومنهم راويته عائشة رضي الله عنها:
عن عمرة أن أمها ماتت وعليها صيام من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: «لا، بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين».
فالولي يطعم عن وليه عن كل يوم مسكينا، كما قالت عائشة وابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم.
تنبيه:
يتفرع عن المسالة الأولى مسألة أخرى: وهي أنه يجوز للمسلم أن يُقَدم على القضاء صيام بعض التطوعات؛ كصيام عرفة أو عاشوراء، ويستثنى من هذا: صيام ستة أيام من شوال؛ فإن الأجر المرتّب عليه مقيد بإكمال صيام رمضان.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فذاك صوم الدهر».
المسألة الخامسة: هل يجوز تناول حبوب منع الحيض؟
إذا انتفى الضرر في تناول هذه الحبوب فالأصل جواز ذلك، لكن الأفضل أن تبقى المرأة على طبيعتها، كما أرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لعائشة لما حاضت في حجة الوداع: “ذلك (الحيض) أمر كتبه الله على بنات آدم”.
والله تعالى أعلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *