على إثر خلفية إغلاق أكثر من 60 دارا للقرآن في مجموع التراب الوطني، وبعد تقدم مجموعة من الفرق النيابة في البرلمان بأسئلة شفوية حول قرار الإغلاق، علقت جريدة الأحداث في عددها رقم 3553 الصادر يوم الجمعة 31 أكتوبر 2008 على مواقف كل من فريق التجمع والمعاصرة وفريق الاستقلال وفريق العدالة والتنمية، بقولها: “فيما فضل الفريق الاستقلالي بمجلس النواب عدم التعبير عن موقف سياسي إزاء إغلاق مصالح وزارة الداخلية لدور القرآن حرص فريق التجمع والمعاصرة على التعبير عن موقف حداثي وحازم ومؤيد للموقف الرسمي من هذه المسألة وهو ما كاد يكلفهم هجوم فريق العدالة والتنمية الذي عبر عن موقف محافظ”.
واصفة الموقف المتخاذل والمتحامل و”المفبرك” لفريق التجمع والمعاصرة بالحداثي، ليتضح جليا للرأي العام الوطني نوع الحداثة التي ينادي بها العلمانيون في وطننا، حداثةٌ تحارب دور تحفيظ القرآن الكريم وتصادرها، حداثة تعتبر دور تحفيظ القرآن مدارس طالبان، حداثة تعتبر المتخرجين من دور القرآن إرهابيين متزمتين.
إن وصف أحمد التهامي عن فريق التجمع والمعاصرة فكر رواد دور القرآن الكريم بالفكر المتطرف والمتخلف (الأحداث)، هو تجن بغير حجة ولا برهان، فأي تطرف أنتجته دور القرآن طوال مدة نشاطها في المجتمع المدني، والأحياء التي تتواجد بها دور القرآن الكريم تشهد على مدى نجاعة مثل هذه المؤسسات في مكافحة التطرف والجريمة وتهذيب سلوك الفرد والمجتمع.
ثم إن التطرف والتخلف الذي يعاني منه مجتمعنا المغربي هو في نشر مبادئ الحداثة والعلمانية التي ينادي بها المستغربون، ويطبقونها على المغاربة بالحديد والنار، فما جنى المجتمع من ورائها إلا التفسخ والانحلال من كل القيم والمبادئ التي جاء بها ديننا الحنيف، فأصبحنا نسمع من يتطاول على الثوابت والمقدسات وينادي بالمساواة في الإرث، وبحقوق الشواذ..
واعتبر أحمد التهامي الذي وصفت جريدة الأحداث موقفه بالحداثي وضع دور القرآن وضعا شاذا غير مقبول لا أخلاقيا ولا قانونيا، فقوله “لا قانونيا” كذب صراح، إن أن دور القرآن تعمل داخل المجتمع المدني في إطار قانون الجمعيات الذي ينظمه ظهير الحريات العامة.
وأما أخلاقيا فإن قصد شذوذ دور القرآن الكريم عن أخلاق الحداثة فنعم، وإن قصد شذوذها عن أخلاق القرآن والسنة وثوابت الأمة فلا، إذ هي العاملة بجد واجتهاد على ترسيخ هذه الثوابت.
وقد عبر الشارع عن استيائه واستنكاره من القرار المجحف القاضي بإغلاق دور القرآن عن طريق المواقع الإلكترونية والعوارض الاستنكارية البالغ مجموعها عشرات الآلاف ومجموعة من البيانات.
فهل حقوق ورغبات مئات الآلاف من المواطنين المستنكرين بالإضافة إلى المستفيدين الذين روعهم قرار إغلاق الجمعيات التي كانت توفر لهم العلم وتهذب وتربي أبناءهم، فهل حقوق هؤلاء وأبنائهم لا تجد لها في قلب ونفس وزير الأوقاف وزير الداخلية اعتبارا ولا مكانا، بينما مخطط عشرات من النساء العلمانيات يحظي بالاهتمام البالغ من طرفهما، حيث استصدر الأول بلاغ الإدانة وأصدر الثاني قرار التنفيذ في تجاهل تام للقضاء.
إن وصف جريدة الأحداث في مقالها لموقف فريق الأصالة المعاصرة بالحداثي، ولموقف فريق العدالة والتنمية بالهجومي والمحافظ إنما هو من منطلق حرصها على دعم المشروع الحداثي العَلماني الذي يتعارض مع كل ما هو إسلامي في بلدنا المسلم، واستمرار في منهج إقصاء ومحاصرة كل من يتجرأ على نشر أو حتى دعم ما يخدم دين المغاربة من قريب أو بعيد، وأما تسترهم وتواريهم وراء الخطب الملكية والدفاع عن المذهب المالكي وثوابت البلاد فلا شيء يدعمه من ناحية حقيقة له وهو نوع من النفاق لكون الملكية والمذهب والثوابت كلها تتعرض مع المرجعية العلمانية.
فمتى يعي المسؤولون في بلدنا مكر العلمانيين؟